المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

313

الربّ ورأفته، ويكون الخوف من سوء العاقبة وما إلى ذلك ممّا يبرز التفكيك بين المتعلقين.

ثُمّ إنّ التعبيرات الواردة في الكتاب والسُنّة ممّا يثير الخوف أو الرجاء كثيرة، ولعلّ الغالب فيها هو: أنّ التعبير المثير للرجاء غير التعبير المثير للخوف، فمثلاً التعبير بوصف الله تعالى بأنّه غفور رحيم يثير الرجاء، في حين أنّ التعبير بأنّه شديد العقاب يثير الخوف.

إلاّ أنّ هناك تعابير واردة عن المعصومين(عليهم السلام) تكون العبارة المثيرة منها للخوف عين العبارة المثيرة للرجاء، وهذا من بَراعات الأئمّة سلام الله عليهم وذلك من قبيل ما ورد في دعاء أبي حمزة: «إلهي وسيّدي وعزّتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لأُطالبنّك بعفوك، ولئن طالبتني بلؤمي لأطالبنّك بكرمك، ولئن أدخلتني النار لأُخبرنّ أهل النار بحبّي لك...».

وقوله ـ أيضاً ـ في نفس الدعاء: « ... فلو اطّلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته، ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته، لا لأنّك أهون الناظرين إليّ وأخفّ المطّلعين عليّ، بل لأنّك يا ربّ خير الساترين، وأحكم الحاكمين، وأكرم الأكرمين، ستّار العيوب، غفّار الذنوب، علاّم الغيوب، تستر الذنب بكرمك، وتؤخّر العقوبة بحلمك...»(1). وقوله في دعاء كميل: «... يا إلهي وسيّدي وربّي أَتُراك معذّبي بنارك بعد توحيدك، وبعد ما انطوى عليه قلبي من معرفتك، ولهج به لساني من ذكرك، واعتقده ضميري من حبّك، وبعد صدق اعترافي ودعائي خاضعاً لربوبيّتك، هيهات أنت أكرم من أن تضيّع من ربيته، أو تبعّد من أدنيته، أو تشرّد من آويته، أو تسلّم إلى البلاء من كفيته ورحمته. وليت شعري يا سيّدي والهي ومولاي أتسلّط النار على وجوه خرّت لعظمتك ساجدة، وعلى ألسن نطقت بتوحيدك


(1) مفاتيح الجنان، فقرات من دعاء أبي حمزة الثمالي.