المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

281

يصلّي، فقرأ من القرآن، وجعل يبكي، ثُمّ رفع يديه فجعل يبكي حتّى رأيت دموعه قد بلّت الأرض، فأتاه بِلال يؤذنه بصلاة الغداة، فرآه يبكي، فقال له: يا رسول الله أتبكي وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبكَ وما تأخّر؟! فقال: يا بلال أفلا أكون عبداً شكوراً، ثُمّ قال: مالي لا أبكي وقد أنزل الله في هذه الليلة: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ...﴾ ثُمّ قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكّر فيها. وروي: ويل لمن لاكها بين فكّيه ولم يتأمّل فيها».

والثانية: ما رُوِيَ عن حبّة العرني: قال: «بينا أنا ونوف نائمين في رحبة القصر إذ نحن بأمير المؤمنين(عليه السلام) في بقيّة من الليل واضعاً يده على الحائط شبيه الواله وهو يقول: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ...﴾ قال: ثُمّ جعل يقرأ هذه الآيات، ويمرّ شبه الطائر عقله، فقال لي: أراقد أنت ياحبّة أم رامق؟ قال: قلت: رامق، هذا أنت تعمل هذا العمل فكيف نحن؟ فأرخى عينيه فبكى، ثُمّ قال لي: يا حبّة إنّ لله موقفاً، ولنا بين يديه موقفاً لا يخفى عليه شيء من أعمالنا، يا حبّة إنّ الله أقرب إليّ وإليك من حبل الوريد، يا حبّة إنّه لن يحجبني ولا إيّاك عن الله شيء. قال: ثُمّ قال: أراقد أنت يا نوف؟ قال: قال: لا يا أمير المؤمنين ما أنا براقد، ولقد أطلت بكائي هذه الليلة، فقال: يا نوف إن طال بكاؤك في هذا الليل مخافة من الله تعالى قرّت عيناك غداً بين يدي الله عزّ وجلّ...»(1).


(1) البحار 41/22.