المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

279

الاَْلْبَابِ﴾(1).

أمّا التفكّر فله أقسام كثيرة، منها ما يلي: فقد يكون تفكّراً في آيات الله كما أشارت إليه الآيات التي بدأنا بها الحديث ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ لاَ يَات لاُِوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ...﴾ وهذا تفكّر يبعث بمعرفة الله وبالتوحيد، وفي نفس الوقت يبعث بالتذكير بالوظائف وضرورة الطاعة والإيمان والهرب من العذاب؛ ولهذا أعقبه الله ـ سبحانه ـ بقوله: ﴿... رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ ...﴾ وأُخرى يكون التفكّر في نعم الله وآلائه، وثالثةً في كتاب الله أو في المناجاة والدعاء والصلاة، كما قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيما ورد في وصاياه لأبي ذرّ: «... يا أبا ذرّ ركعتان مقتصدتان في تفكّر خير من قيام ليلة والقلب ساه»(2) ورابعةً في النفس وحالاتها ومهالكها وأساليب علاجها ونجاتها، وخامسةً في العِبَر المؤثّرة في النفس، كما ورد عن الحسن الصيقل قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عمَّا يروي الناس: أنّ تفكّر ساعة خير من قيام ليلة، قلت: كيف يتفكّر؟ قال: يمرّ بالخربة أو بالدار فيقول: أين ساكنوك، أين بانوك، مالكِ لا تتكلمين»(3).

ومن هذا النمط الكلام المرويّ عن إمامنا أمير المؤمنين(عليه السلام): «... واعلموا عباد الله أنّكم وما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى قبلكم، ممّن كان أطول


(1) السورة 13، الرعد، الآية: 19، والسورة 39، الزمر، الآية: 9.

(2) البحار 77 / 82 .

(3) تفسير البرهان 1/331.