المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

275

ثالثاً ـ المحاسبة:

وهذا ما يكون آخر النهار وآخر الليل كما كانت المشارطة أوّل النهار وأوّل الليل، فإنّ رأى الإنسان بعد محاسبة النفس أنّها قد عملت بالوظيفة شكر الله على ذلك واستزاد الله في ذلك، وإن رأى التقصير تاب وتدارك ما مضى.

رابعاً ـ المعاتبة والمعاقبة:

فيما لو تبيّن له تقصير النفس في أداء الوظيفة، فلو ظهر أنّ النفس قد قصّرت فيما شرط عليها ينبغي للإنسان أن يوبّخها ويعاتبها، وأن يؤدّبها ببعض العقوبات.

وقد رُوي عن ليث بن أبي سليم(1) قال: «سمعت رجلاً من الأنصار يقول: بينما رسول الله(صلى الله عليه وآله) مستظلّ بظلّ شجرة في يوم شديد الحرّ إذ جاء رجل ينزع ثيابه، ثُمّ جعل يتمرّغ في الرمضاء يكوي ظهره مرّة وبطنه مرّة وجبهته مرّة، ويقول: يا نفس ذوقي فما عند الله أعظم ممّا صنعتُ بكِ، ورسول الله(صلى الله عليه وآله) ينظر إلى ما يصنع، ثُمّ إنّ الرجل لبس ثيابه، ثُمّ أقبل فأومأ إليه النبيّ(صلى الله عليه وآله) بيده ودعاه، فقال له: يا عبدالله لقد رأيتك صنعت شيئاً ما رأيت أحداً من الناس صنعه، فما حملك على ما صنعت؟ فقال الرجل: حملني على ذلك مخافة الله، وقلت لنفسي: يا نفس ذوقي فما عند الله أعظم ممّا صنعتُ بكِ، فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): لقد خفت ربّك حقّ مخافته، وإنّ ربّك ليباهي بك أهل السماء، ثُمّ قال لأصحابه: يا معشر من حضر ادنوا من صاحبكم حتّى يدعو لكم، فدنوا منه، فدعا لهم وقال: اللّهمّ اجمع أمرنا على الهدى، واجعل التقوى زادنا، والجنّة مآبنا».

وخامساً ـ المجاهدة:

فبعد أن رأى الإنسان من نفسه التقصير ينبغي له أن يجاهد نفسه بتدارك ما فات وبالاستزادة فيما يأتي ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ


(1) المحجة 7/308 ـ 309.