المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

268

صحيح أنّنا نقول: إنّ العقل يحاسب النفس، والعقل غير النفس، ولكنّ الواقع: أنّ المغايرة بين العقل والنفس إن هي إلاّ أمراً تحليليّاً بحتاً، أمّا بحسب الوجود الخارجي فالنفس في وحدتها كلّ القوى، فواقع الأمر: أن النفس هي تحاسب نفسها، فكيف يمكن ذلك؟!

وهذه المشكلة ليس لها إلاّ أحد حلّين:

الحلّ الأوّل: أن يستفاد من النفس في حالة صحوها؛ لمحاسبة النفس بلحاظ حالة سباتها وضعفها.

وتوضيح ذلك: أنّ النفس لا تبتلي بالمعصية إلاّ نتيجة السبات والضعف أمام المغريات، وبعد ذلك قد تنتقل إلى شيء من الصحوة والعافية لأحد أسباب ثلاثة:

1 ـ إنّه بعد أن ارتكبت ما دعت إليه الشهوة خمدت الشهوة بسبب إشباعها، فهنا قد يأتي دور الصحو ولو نسبياً؛ لأجل خمود الشهوة، وكأنّ هذا هو المعنيّ بالحديث المروي عن الصادق(عليه السلام): «قيل له: أيزني الزاني وهو مؤمن؟ فقال: لا إذا كان على بطنها سُلِبَ الإيمان منه، فإذا قام رُدّ عليه...»(1).

ويلحق بذلك خمود الشهوة بأسباب أُخرى: كضعف المزاج صحيّاً، أو الشيب، أو غير ذلك. فقد يوجب ذلك إدراك دور الصحو.

2 ـ إنّ المغريات التي ضعفت النفس أمامها قد تزول أو تخفّ، فقد يدرك النفس ـ عندئذ ـ دور الصحو ولو نسبياً.

3 ـ إنّ النفس قد تتقوّى ببعض المقوّيات: من سماع وعظ واعظ، أو قراءة قرآن، أو التفكير بالعواقب، أو غير ذلك.

فبأيّ سبب من هذه الأسباب حينما يدرك الإنسان الصحو ولو نسبيّاً ينبغي له أن يغتنم ذلك فرصة لمحاسبة نفسه على ما صَدر عنها في وقت السبات والغفلة


(1) الوسائل 20/312، الباب 1 من النكاح المحرم، الحديث 17.