المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

264

والذي تقشعرّ له الجلود التعبير الوارد في ذيل الآية ـ وهو قوله: ﴿وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ...﴾ فهذا يعني: أنّ ترك المحاسبة يكون من شأن اُولئك الذين نسوا الله، وأنّ جزاء نسيان الله هو أن يبتليه الله بنسيان نفسه، والذي هو أعظم نسيان حتّى عند من لا يهتمّ إلاّ بمصالح نفسه. والتعبير بنسيانه لنفسه يتمّ باعتبارين:

أحدهما: أنّ الذي نسى الله لا يذكر مصالح نفسه الأُخرويّة، والتي هي المصالح الباقية والهامّة، ومن ترك مصالح نفسه فكأنّه ناس لنفسه، وإلاّ فكيف لا يهتمّ بمصالح نفسه.

وثانيهما: أنّ الطاقة الخيّرة الهامّة المودعة بلطف الله في النفس قد أهملها ونسيها، ونسيانها نسيان للنفس.

ويشبه التعبير بنسيان النفس التعبير المؤثّر الآخر الوارد في القرآن الكريم، وهو التعبير بخسران النفس، فقد تكرّر في القرآن عدّة مرّات عنوان: ﴿... الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ ...﴾(1) فالذين خُتِمت عاقبتهم بالشرّ، ولم يكن لهم في الآخرة من خلاق قد خسروا أنفسهم، إمّا بلحاظ خسارة مصالحهم في الآخرة إلى أبد الآبدين، أو بلحاظ خسارة قوى الخير التي أودعها الله في أنفسهم فخسروها.

وهناك مرتبة نازلة من خسران النفس أو نسيان النفس وردت في الروايات بشأن من يرتكب بعض الذنوب وذلك من قبيل التعبير بحرمان صلاة الليل، كما ورد عن الصادق(عليه السلام): «أنّ الرجل يذنب الذنب فيحرم صلاة الليل...»(2). وسند


(1) راجع السورة 6، الأنعام، الآيتين: 12 و20، والسورة 7، الأعراف، الآيتين 9 و 53، والسورة 11، هود، الآية: 21، والسورة 23، المؤمنون، الآية: 103، والسورة 39، الزمر، الآية: 15.

(2) الوسائل 15 / 302، الباب 40 من جهاد النفس، الحديث 14.