المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

263

 

 

 

 

الفصل الثاني

المحاسبة

 

قيل: إنّ مرتبة المحاسبة تأتي بعد مرتبة التوبة، فبعد أن عقد التوبة يحاسب نفسه على حفظ التوبة حتّى يسلم عقدُها ويثبت دوامها(1).

والواقع: أنّ التوبة والمحاسبة تتفاعلان فيما بينهما، فالتوبة تؤدّي إلى المحاسبة، والمحاسبة تؤثّر في دوام التوبة، والوفاء بها من ناحية وهي قبل التوبة تؤدّي إلى التوبة من ناحية اُخرى.

قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَد وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾(2).

فقوله تعالى: ﴿وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَد﴾ في الحقيقة أمر بالمحاسبة، فعلى الإنسان أن يحاسب نفسه؛ ليرى ماذا قدّم لغده، هل قدّم خيراً أو قدّم شرّاً؟ وإن كان قد قدّم خيراً فما هو مبلغ تقديمه؟ علماً بأنّ ما يقدّمه هو الذي يبقى له، والباقي يفنى كما قال الله تعالى: ﴿مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاق ...﴾(3).


(1) راجع باب المحاسبة، وهو الباب الثالث من أبواب البدايات من منازل السائرين.

(2) السورة 59، الحشر، الآيتان: 18 ـ 19.

(3) السورة 16، النحل، الآية: 96.