المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

237

وثالثاً: مطالعة الزيادة والنقصان الواقعين فيما مضى من عمره؛ كي يتحسّر على ما حصل منه من نقصان، ويسعى في عدم تضييع ما بقي من عمره، ويتدارك ما فاته في الماضي.

وقد ورد في هذا المضمون حديث شريف عن الإمام زين العابدين(عليه السلام)قال: «كان أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول: إنّما الدهر ثلاثة أيّام أنت فيما بينهنّ مضى أمس بما فيه فلا يرجع أبداً، فإن كنت عملت فيه خيراً لم تحزن لذهابه، وفرحت بما أسلفته منه، وإن كنت قد فرّطت فيه فحسرتك شديدة لذهابه وتفريطك فيه. وأنت في يومك الذي أصبحت فيه من غد في غرّة، ولا تدري لعلّك لا تبلغه، وإن بلغته لعلّ حظك فيه التفريط مثل حظّك في الأمس الماضي عنك، فيوم من الثلاثة قد مضى أنت فيه مفرّط، ويوم تنتظره لست أنت منه على يقين من ترك التفريط، وإنّما هو يومك الذي أصبحت فيه، وقد ينبغي لك إن عقلت وفكّرت فيما فرّطت في الأمس الماضي ممّا فاتك فيه من حسنات أن لا تكون اكتسبتها، ومن سيّئات أن لا تكون أقصرت عنها، وأنت مع هذا مع استقبال غد على غير ثقة من أن تبلغه، وعلى غير يقين من اكتساب حسنة أو مرتدع عن سيّئة محبطة، فأنت من يومك الذي تستقبل على مثل يومك الذي استدبرت، فاعمل عمل رجل ليس يأمل من الأيّام إلاّ يومه الذي أصبح فيه وليلته، فاعمل أو دع، والله المعين على ذلك»(1).

نعم، من لم يطالع الزيادة والنقصان فيما مضى من عمره كان دائماً مغبوناً؛ لأنّه لن يتدارك ما كان له من النقص، ولا يتوفّق لجعل يومه خيراً من أمسه.

وقد ورد بسند تامّ عن هشام بن سالم عن الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط، ومن كان آخر يوميه شرّهما فهو ملعون، ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان، ومن كان إلى


(1) أُصول الكافي 2/453، باب محاسبة العمل، الحديث 1.