المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

236

تنهي المعذّب وتميته، فيستريح من العذاب، ولكن نار جهنم لا تنهي المعذّب ولا تميته، بل الجلد يتبدّل متى نضج الجلد السابق. وقد قال الله تعالى: ﴿لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا ...﴾(1).

وإنّي أختم الحديث عن مسألة الوعيد هنا برواية واحدة تامّة سنداً، وهي ما ورد(2) عن أبي بصير عن الصادق(عليه السلام) قال: «ما خلق الله خلقاً إلاّ جعل له في الجنّة منزلاً وفي النار منزلاً، فإذا سكن أهل الجنّة في الجنّة وأهل النار في النار نادى مناد: يا أهل الجنّة أشرفوا، فيشرفون على النار، وترفع لهم منازلهم فيها، ثُمّ يقال لهم: هذه منازلكم التي لو عصيتم الله دخلتموها قال: فلو أنّ أحداً مات فرحاً لمات أهل الجنّة في ذلك اليوم فرحاً؛ لما صرفَ عنهم من العذاب، ثُمّ ينادي مناد: يا أهل النار ارفعوا رؤوسكم، فيرفعون رؤوسهم فينظرون إلى منازلهم في الجنّة وما فيها من النعيم، فيقال لهم: هذه منازلكم التي لو أطعتم ربّكم دخلتموها، قال: فلو أنّ أحداً مات حزناً لمات أهل النار حزناً، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء، ويورث هؤلاء منازل هؤلاء، وذلك قول الله: ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾(3) ».

أقول: إنّ هذه الرواية تدلّ على أنّ الجنّة لها علوّ مكاني على جهنم، وكأنّه يشير إلى ذلك ـ أيضاً ـ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ﴾(4).


(1) السورة 35، فاطر، الآية: 36.

(2) البحار 8/287.

(3) السورة 23، المؤمنون، الآيتان: 10 ـ 11.

(4) السورة 7، الأعراف، الآية: 40.