المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

235

وسخطك، وهذا ما لا تقوم له السماوات والأرض...»(1).

وقد ورد في الحديث عن الصادق(عليه السلام): «أنّ ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنّم، وقد اُطفأت سبعين مرّة بالماء ثُمّ التهبت، ولولا ذلك ما استطاع آدميّ أن يطفأها، وإنّه ليؤتى بها يوم القيامة حتّى توضع على النار، فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلاّ جثا على ركبتيه فزعاً من صرختها»(2).

أقول: أظنّ أنّ النار الصارخة هي نار جهنّم كما يشهد لذلك قوله تعالى: ﴿إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَان بَعِيد ( وقد فسّر بمسيرة سنة )(3) سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً﴾(4).

وفي حديث مفصّل يصف جبرئيل نار جهنّم لرسول الله(صلى الله عليه وآله): «... لو أنّ مثل خرق إبرة خرج منها على أهل الأرض لاحترقوا عن آخرهم...»(5).

والروايات في أوصاف عذاب جهنّم كثيرة لا تُحصى. وقد نسلّي أنفسنا عن كلّ واحدة منها بأنّه خبر واحد يحتمل الصدق والكذب، ولكن ماذا نفعل بتواترها المعنوي أو الإجمالي؟! ثُمّ ماذا نفعل بالقرآن الذي هو مليء بذكر أوصاف عذاب جهنّم بما يقشعرّ جلد الإنسان لمجرّد سماعه، ولو لم تكن إلاّ آية واحدة لكفت، وهي قوله تعالى: ﴿... كُلَّمَا نَضِجَت جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ...﴾(6) وقد قالوا: إنّ الجلد هو مركز الإحساس بالألم، وليس اللحم؛ ولذا لو غرزت جلدك بإبرة تحسّ بالألم، ثُمّ لا تحسّ بالألم بتعمّق الإبرة في لحمك. وقد اعتاد جبّارُوا الدنيا باختيار سائر التعذيبات على التعذيب بالنار؛ لأنّ النار


(1) مفاتيح الجنان، دعاء كميل.

(2) البحار 8/288.

(3) البحار 8 / 288، نقلاً عن تفسير عليّ بن إبراهيم.

(4) السورة 25، الفرقان، الآية: 12.

(5) البحار 8/305.

(6) السورة 4، النساء، الآية: 56.