المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

234

ومن الروايات الطريفة الواردة بشأن النفس ما روي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)وهو ما يلي:

دخل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) رجل اسمه مجاشع، فقال: «يا رسول الله كيف الطريق إلى معرفة الحقِّ، فقال(صلى الله عليه وآله) معرفة النفس. فقال يا رسول الله فكيف الطريق إلى موافقة الحقّ؟ قال: مخالفة النفس. فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى رضا الحقّ؟ قال: سخط النفس. فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى وصل الحقّ؟ قال: هجر النفس. فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى طاعة الحقّ؟ قال: عصيان النفس. فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى ذكر الحقّ؟ قال: نسيان النفس. فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى قرب الحقّ؟ قال: التباعد عن النفس. فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى أُنس الحقّ؟ قال: الوحشة من النفس. فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى ذلك؟ قال: الاستعانة بالحقّ على النفس»(1).

وتصديق ذيل الحديث وهو ضرورة الاستعانة بالحقّ على النفس وارد في قوله تعالى: ﴿... وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَد أَبَداً ...﴾(2).

وأمّا تصديق الوعيد فلولاه لم يكن أحد يطيع الله، ولا أحد يتوب إلى الله، إلاّ المعصوم أو من يتلو تلو العصمة. فعلينا أن نلتفت إلى عذاب الله في الآخرة، ونقيسه إلى عذاب الدنيا الذي لا يعتبر بالنسبة لذاك عذاباً اصلاً. ونخاطب ربّنا بقولنا: «... أنت تعلم ضعفي عن قليل من بلاء الدنيا وعقوباتها، وما يجري فيها من المكاره على أهلها، على أن ذلك بلاء ومكروه قليل مكثه، يسير بقاؤه، قصير مدّته، فكيف احتمالي لبلاء الآخرة وجليل وقوع المكاره فيها، وهو بلاء تطول مدّته، ويدوم مقامه، ولا يخفّف عن أهله؛ لأنّه لا يكون إلاّ عن غضبك وانتقامك


(1) البحار 70/72.

(2) السورة 24، النور، الآية: 21.