المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

230

2 ـ ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ...﴾(1).

وتتجلّى النِّعم عند لحظ المحرومين منها، أو لحظ ذوي العاهات والبلاء.

وليس من الصدف ما نراه من أنّ القرآن العظيم يشير إلى نِعم الله في مواضع لا تُحصى من القرآن، فتأثير تذكّر النِّعم الإلهيّة في حصول اليقظة واضح؛ لأنّه يثير حالة الشكر من ناحية، والتي هي مصدر وجوب الطاعة عقلاً، ويخلق في النفوس الحبّ لله ـ سبحانه وتعالى ـ من ناحية اُخرى، والتي هي المصدر العاطفي للطاعة.

وقد ورد عن الصادق(عليه السلام): أنّه قال: «ما أحبّ الله من عصاه»(2).

ولسنا الآن هنا بصدد ذكر نِعم الله التي لا تُحصى، ولكنّنا نذكر كإشارة إلى ذلك مقطعاً قرآنياً رائعاً من سورة النحل، وهو قوله سبحانه وتعالى: ﴿خَلَقَ السَّماواتِ وَالاَْرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ* خَلَقَ الاِْنْسانَ مِن نُطْفَة فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ* وَالاَْنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأكُلُونَ* وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ* وَتَحْمِلُ أثْقالَكُمْ إِلى بَلَد لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إلاّ بِشِقِّ الْأَنْفُسَ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ* وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾، والجملة الأخيرة تشير في الأكثر إلى مركوبات اليوم: من قبيل السيّارات والطائرات ونحوها ﴿وعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ وكأنّ هذا إشارة إلى نِعْمة الإيمان ﴿ومِنْها جَائرٌ﴾ وكأنّ هذا إشارة إلى وجود السُبل المنحرفة والتحذير منها ﴿وَلَوْ شَاء لَهَداكُمْ أجْمَعينَ﴾ وكأنّ هذا إشارة إلى عدم الهداية بالجبر التي تسقط الهداية عن قيمتها ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً لَّكُمْ مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي


(1) السورة 16، النحل، الآية: 18، والسورة 14، إبراهيم، الآية: 34.

(2) البحار 70 / 15.