المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

225

اقتداءً بالمعصومين(عليهم السلام) عن طريق تربية النفس، ولم يجعل الله المعصومين إلاّ قدوة للأنام، وأمر الله ـ تعالى ـ الناس بالاقتداء بهم، قال عزّ من قائل: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾(1).

وما ظنّك بإنسان تنزّه عن شرب الماء على رغم عطشه الذي لا يتصوّر ولا يطاق، لا لحرمة شرب الماء ولا لكراهته، بل ولا لأجل الإيثار، فإنّ تركه لشرب الماء على المشرعة لم يكن فيه إيثار على الحسين وأهل بيته، بل لأجل مجرّد المؤاساة لإمام زمانه وأهل بيته، وقال:

هذا الحسينُ واردُ المنونِ
وتشربين باردَ المعينِ

تاللهِ ما هذا فعالُ دينِ(2)

فبالله عليك هل تحتمل بشأن هذا الإنسان أن يعصي الله طرفة عين؟!!

وما ظنّك بامرأة اُثكلت في يوم واحد بأولادها وإخوتها وسائر عشيرتها، وأُسرت وحُملت مع نسائها على الأقتاب، ومررن على مقتل الحسين والأصحاب، فنظرت إلى إمام زمانها عليّ بن الحسين(عليه السلام) تكاد نفسه تخرج من شدّة المصاب، فقالت: ـ مسلّية لإمامها منجيةً له من الموت ـ: مالي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدّي وأبي وإخوتي؟ وأخذت تسلّيه وتذكر له أنّه سيأتي جمع لا تعرفهم فراعنة هذه الاُمّة ـ وهم معروفون في أهل السماوات ـ إنّهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرّقة، فيوارونها وهذه الجسوم المضرّجة، وينصبون لهذا الطفّ علماً لقبر أبيك سيّد الشهداء لا يُدرَس أثره ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيّام ... إلى أن ذكرت له(عليه السلام) حديث أُمّ أيمن. وعن هذا الطريق أنجت إمام


(1) السورة 33، الاحزاب، الآية: 21.

(2) البحار 45/41 تحت الخط.