المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

222

وقالأيضاً: ﴿وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ...﴾(1) وقال أيضاً: ﴿وَكَم مِّن مَّلَك فِي السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى﴾(2) وقال أيضاً: ﴿... مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلاَّ بِإِذْنِهِ ...﴾(3) إذن فالطريق الوحيد الذي وعد الله وعداً قطعيّاً بالمغفرة على أساسه إنّما هو التوبة.

وقد ورد عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال: «لا شفيع أنجح من التوبة»(4).

ومن يرى أنّ فلسفة الإيمان والطاعة عبارة عن إكمال النفس وتهذيبها وتصفيتها فالأمر هنا أوضح ممّا سبق، ونفس الفلسفة تدعوه إلى التوبة؛ لأنّ التوبة ماء يُغسَل به درن القلب وغباره وَرَيْنه. وقد ورد في الحديث عن الباقر(عليه السلام): «ما من عبد إلاّ وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنباً خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد، وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتّى يغطّي البياض، فإذا غطّى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً، وهو قول الله عزّ وجلّ: ﴿... بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَا كَانُوا يَكْسِبُون﴾ »(5).

ومن يرى أن فلسفة الإيمان والطاعة هي: أنّ الله أهل للطاعة، وبغضّ النظر عن جنّة أو نار فهو يطلب رضوان الله، ويتحرّك بحبّه لله، فالأمر هنا أوضح ممّا سبق، ونفس الفلسفة تدعوه إلى التوبة؛ لأنّ الله تعالى يرضى بالتوبة ويفرح بتوبة عبده كما ورد بسند صحيح عن أبي عبيدة قال: «سمعت أباجعفر(عليه السلام) يقول: إنّ الله ـ تعالى ـ أشدّ فرحاً بتوبة عبده من رجل أضلّ راحلته وزاده في ليلة ظلماء


(1) السورة 34، سبأ، الآية: 23.

(2) السورة 53، النجم، الآية: 26.

(3) السورة 2، البقرة، الآية: 255.

(4) البحار 6/19.

(5) السورة 83، المطففين، الآية: 14، والحديث وارد في الوسائل 15/303، الباب 40 من جهاد النفس، الحديث 16 ونحوه الحديث 12، ص: 302.