المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

20

لتحصيلك درجة كبيرة من العلم، فكان مقدار تأثير ذلك في كمالك النفسي بالعلم أكثر بكثير من مقدار تأثير ذلك في نقص ملكة كتمان السرِّ التي هي ـ أيضاً ـ كمال نفسي، أو ضمن لك قادر تثق بقدرته أنَّك لو كشفت لنا سرَّ فلان فسوف نعيد لنفسك ملكة كتمان السرّ بأقوى ممّا كانت قبل الكشف بكثير، فالوجدان والضمير المدركان للقضايا الخُلُقيّة ـ والتي هي أُمور واقعيّة في رأينا وأُمور وهميّة في رأي بعض ـ يقضيان بأنَّ كلَّ هذا لا يكون مسوِّغاً لكشف السرِّ الموجب للإحساس بالخيانة والخجل ووخز الضمير واقعاً أو وهماً.

وهذا يعني: أنَّ عنوان الفضيلة والرذيلة على ماهما عليه من واقعيّة أو وهميّة عنوان ثالث غير عنواني اللذّة والألم، والكمال والنقص، وإِن أمكن التعبير عن الجامع بين اثنين منها أو الثلاثة بالمصلحة والمفسدة، أو الضرر والنفع، أو السعادة والشقاء.

فهذا المِقياس حاله حال المِقياسين الأوَّلين في عدم الصحَّة.

وأيضاً يمكن أن نمثِّل في خصوص اللذّة والألم بأنَّ المريض الذي تضعف نفسه عن الحِمْية من الغذاء الذي يضرُّه، فيأكل ذلك الغذاء، ويضرِّر به نفسه، لا يحسُّ بتأنيب الضمير والوجدان في ترك الحِمْية ولا بالخيانة والخسَّة، في حين أنّه حينما يكشف سرَّ أخيه مثلاً يحسُّ بكلِّ ذلك. فهذه وأمثالها من الأمثلة الوجدانيّة خير دليل على بطلان هذا المِقياس على تحقيق وتفصيل موجودين في تقريرنا لبحث الأُصول لأُستاذنا الشهيد الصدر(رحمه الله) في الجزء الأوّل من القسم الثاني من مباحث الأُصول(1).

وللمحقِّق الخراسانيّ(رحمه الله) بيان لربط الحسن والقبح بالمصلحة والمفسدة


(1) ص515 ـ 517.