المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

199

إلى مغزاه المشتمل على الجانبين اللذين ألمحنا إليهما من روحه وواقعه النابض بالحياة له تأثير كبير على إبعاد الإنسان عن المعصية الذي لا يكفي فيه مجرّد التذكير بالجنّة والنار.

وتوضيح المقصود: أنّ الإنسان ميّال بسبب العامل الداخلي، وهي: شهوات النفس، والعامل الخارجي، وهي: المغريات إلى المعاصي والمخالفات. وللإسلام علاج عملي لذلك، لسنا هنا بصدد شرحه.

وإجمالُه: أنّ الإسلام جُعِلَ دين الفطرة، وجُعِلَ نظاماً يلبي الحاجات الحقيقيّة للإنسان، ويؤمّن ـ لو طبّق تطبيقاً حقيقيّاً على الحياة خارجاً ـ كلَّ حاجات الإنسان الواقعية، ولا يحدَّد الإنسان إلاّ من ناحية ميوله الشرّيرة غير الراجعة إلى الحاجات الحقيقية كالحسد وحبّ الإيذاء مثلاً، وكذلك من ناحية السَّرف في تلبية الحاجات الحقيقيّة والتي ترجع غالباً أو دائماً إلى ما يخرج من دائرة الحاجات الحقيقيّة. أمّا في دائرة تلك الحاجات الفطرية الطبيعية فليس للإسلام إلاّ تنظيم وتهذيب طريقة تلبيتها وإشباعها لا رفض ذلك، وما نراه خارجاً من فقر الفقراء أو عوز المعوزين لكثير ممّا يحتاجون إليه من وسائل الراحة أو الرفاه إن هو ـ عادة ـ إلاّ بسبب عدم تطبيق البشريّة لنظام الإسلام بشكله الكامل الموجب لقتر السماء والأرض خيراتهما وبركاتهما أو بسبب سوء التقسيم بين الناس ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَات مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾(1) ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ﴾(2)


(1) السورة 7، الأعراف، الآية: 96.

(2) السورة 5، المائدة، الآية: 66.