المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

195

ولا تعتني به عامّة الناس. ومن جملة تلك النصوص ما يلي:

1 ـ رُوِيَ بسند تامّ عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام) قال: «آنية الذهب والفضّة متاع الذين لا يوقنون»(1).

أفلا تستشمّ معي من هذا الحديث أنّه بيان لحكمة تحريم آنية الذهب والفضّة لا لنتيجة التحريم، أي أنّه ليس معنى هذا الحديث: أنّه بعدما حرّمت الشريعة آنية الذهب والفضّة أصبحت تلك الأواني متاعاً للذين لا يوقنون، بل معناه: أنّ الذي يُوقِن بعالم الآخرة ماذا يفعل بالتلذّذات الوهميّة البحت في هذه الدنيا؟! وأنّ كونها متاعاً للذين لا يوقنون كان حكمة لتحريمها، وهذه الحكمة موجودة في جميع الملاذّ الوهميّة.

2 ـ قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا ...﴾(2) أفلا تستظهر معي من هذه الآية: أنّ الترف وصف يناسب الفاسقين لا المؤمنين، ولئن كان الترف عبارة عن التنعّم بأنعم الله فما معنى قوله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ...﴾(3) أفلا تستظهر من ذلك ما أستظهره بفهمي القاصر ـ والله أعلم بمراده ـ: من أنّ التنعّم الحقيقي بالنعم المحلّلة هو الشيء المقصود بالآية الثانية، والتنعُّم الوهمي بالمتع الوهميّة أو بنفس النعم الحقيقية ـ ولكن إلى حدّ التخمة التي تخرج التنعّم من كونه حقيقيّاً إلى كونه وهميّاً ـ هو الذي يسمّى بالترف، ويكون داخلاً في مفاد الآية الاُولى.

والثاني: لا إشكال فقهيّاً في حرمة الغناء والموسيقى، وقد أُدرج في بعض


(1) الوسائل 3/507، الباب 65 من النجاسات، الحديث 4.

(2) السورة 17، الإسراء، الآية: 16.

(3) السورة 7، الأعراف، الآية: 32.