المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

192

الميزان كُلّما زيد في إيمانه زيد في بلائه»(1).

ولعلَّه يدعم هذا التفسير ما ورد ـ أيضاً ـ بسند صحيح عن محمّد بن مسلم قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلاّ عرض له أمرٌ يحزنه ويُذكَّر به»(2).

فهذا التذكير يشمل كلَّ درجات التنبيه حتى على مستوى نفض الغبار الذي يصيب قلب العبد المؤمن وحتّى ذاك الغبار الطفيف الذي عبّر عنه رسول الله(صلى الله عليه وآله)ـ لو صحّت الرواية الماضية ـ بقوله: «إنّه ليغان على قلبي...»(3).

وهناك تفسير ثان لتلك الروايات، وهو: أن تكون ناظرة إلى ما في البلايا والمحن مِن رفع الدرجات وعظيم الثواب، كما تؤيّد هذا التفسير عدّة روايات من قبيل: ما رُوِيَ عن أبي يحيى الحنّاط، عن عبدالله بن يعفور قال: «شكوت إلى أبي عبدالله(عليه السلام) ما ألقى من الأوجاع ـ وكان مسقاماً ـ فقال لي: يا عبدالله لو يعلم المؤمن ماله من الأجر في المصائب لتمنّى أنّه قُرِّض بالمقاريض»(4).

وهناك روايات أُخرى تدلّ على أنّ بلاء المؤمن كفّارة لذنوبه(5).

ومن الروايات الطريفة التي تنسجم مع كلا التفسيرين الماضيين ما رواه الكليني(رحمه الله)في أُصول الكافي(6) عن الصادق(عليه السلام) قال: «دُعي النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلى طعام، فلمّا دخل منزل الرجل نظر إلى دجاجة فوق حائط قد باضت، فتقع البيضة على وتد في حائط، فثبتت عليه، ولم تسقط، ولم تنكسر، فتعجّب النبيّ(صلى الله عليه وآله) منها، فقال


(1) المصدر السابق: 254، الحديث 10.

(2) المصدر السابق: 254، الحديث 11.

(3) المحجة 7/17.

(4) أُصول الكافي 2/255، باب شدة ابتلاء المؤمن من كتاب الإيمان والكفر، الحديث 15.

(5) من قبيل ما في البحار 67/230، 232، باب شدّة ابتلاء المؤمن، الحديثان 43 و 48.

(6) أُصول الكافي 2/256، باب شدة ابتلاء المؤمن، الحديث 20.