المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

19

ولاية الله ـ سبحانه وتعالى ـ القائمة إمَّا على مبدأ وجوب شكر المنعم، أو على مبدأ المالكيّة الحقيقيّة نتيجة الخالقيّة والمخلوقيّة.

فالدين في الحقيقة: إمَّا كاشف عن الحسن والقبح الثابتين بمِقياس آخر أو محقّق لمصداق حسن وقبح ثابتين بمِقياس آخر. وإِن شئت فاجعل هذا الكلام تصديقاً لمِقياسيّة الدين في الحسن والقبح بمعنى صغروي لا كبروي.

 

المِقياس الرابع ـ المصلحة والمفسدة، أو اللذّة والألم، أو الكمال والنقص، أو السعادة والشقاء، أو النفع والضرر:

والواقع أنَّ هنا عنوانين قد يُفترض أحدهما أو كلاهما مِقياساً للفضيلة والرذيلة: أحدهما عنوان اللذّة والألم، والآخر عنوان الكمال والنقص. وهذان العنوانان أحدهما غير الآخر: فالعلم والقدرة والشجاعة مثلاً كمال ولو لم يلتذّ صاحبها بها، والجهل والعجز والجبن نقص ولو لم يتأ لَّم صاحبها بها، فقد يُفترض أنَّ الأوّل هو المِقياس للفضيلة والرذيلة، وقد يُفترض أنَّ الثاني هو المِقياس لهما، إلاَّ أنَّنا لم نشأ أن نفرد لكلِّ واحد منهما بحثاً مستقلاً؛ لأنَّ الفوارق البحثيّة بينهما ليست بنحو تقتضي الإفراد.

وقد يُفترض أنَّ المِقياس هو الجامع بينهما الذي إِن شئت فعبِّر عنه بالسعادة والشقاء، أو بالنفع والضرر، أو بالمصلحة والمفسدة.

وعلى أيّة حال فتعليقنا على كون المِقياس للفضيلة والرذيلة هي اللذّة والألم، أو الكمال والنقص هو: أنَّه يكفي لتنبيه الوجدان إلى بطلان ذلك إلفات النظر إلى بعض الأمثلة ولو الافتراضيّة التي لا واقع خارجي لها: فلو كان كشفك سرّ أخيك موجباً لالتذاذك الكبير بذلك من دون أن يتأ لَّم أخوك به؛ وذلك على أساس أنَّ أخاك لا يطَّلع على هذا الكشف كي يتألَّم به، أو كان كشفك سرّ أخيك مُقدَّمة