المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

187

استغفر الله تعالى في اليوم والليلة سبعين مرّة»(1) وقد يصدر منهم ما لو صدر منّا لكان حسنة عظيمة، ولكنّهم سلام الله عليهم يستغفرون الله منه؛ لأنّ المفروض المناسب لمقامهم الشامخ أن يصدر منهم ما هو أفضل من ذلك، وقد قال الله تعالى مخاطباً لرسوله(صلى الله عليه وآله): ﴿عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾(2)، فلو كان قد صدر منّا الإذن عن الحرب لبعض المسلمين الضعفاء الإيمان لجلبهم وعدم تنفيرهم من الإسلام، فلعلّنا كنّا نمدح بذلك، ولكنّه كان المفروض بالرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) أن يتّخذ ماهو أوفق بالمصلحة من الإذن على رغم أنّ الإذن ـ أيضاً ـ كان من الخُلُق العظيم.

2 ـ ما معنى بكاء المعصومين، ومناجاتهم الطويلة، ودموعهم الغزيرة، وغشيتهم أمام عظمة الربّ، هل كانوا يحتملون بأنفسهم التورّط في المعاصي الإلهيّة، أم هل تورّطوا بالفعل فيها وهم معصومون؟! وهل يمكن فرض كلّ القضايا التي نقلت عنهم بهذا الصدد تصنّعاً منهم وتظاهراً كاذباً بهدف تعليمنا، وكان بكاؤهم أمراً صوريّاً لا عن حرقة قلب وما إلى ذلك؟! كلاّ هذا لا يحتمل.

والجواب أحد أمرين أو كلاهما:

إمّا أنّ كلَّ هذا كان ندماً وتوبةً إلى الله عمّا عبّرنا عنه بحسنات الأبرار سيّئات


(1) المحجة 7/17. وقد قيل في تفسير الحديث: لمّا كان قلب النبيّ(صلى الله عليه وآله) أتمّ القلوب صفاءً وأكثرها ضياءً وأعرفها عرفاً، وكان(صلى الله عليه وآله)مبيّناً مع ذلك لشرائع الملّة وتأسيس السُنّة ميسّراً غير معسر لم يكن له بدّ من النزول إلى الرخص والالتفات إلى حظوظ النفس مع ما كان متمتّعاً به من أحكام البشريّة، فكأنّه إذا تعاطى شيئاً من ذلك أسرعت كدورة ما إلى القلب لكمال رقّته وفرط نورانيّته، فإنّ الشيء كلمّا كان أصفى كانت الكدورة عليه أبين وأهدى. وكان(صلى الله عليه وآله) إذا أحسّ بشيء من ذلك عدّه على النفس ذنباً فاستغفر منه. راجع البحار 25/204 ـ 205 تحت الخط.

(2) السورة 9، التوبة، الآية: 43.