المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

186

التحطيم تحطيم معنوي أعاذنا الله تعالى من ذلك كلِّه.

وعلى أيّة حال، فالإسلام كالقرآن يكون له ظهر وبطن، أو جسم وروح، أو قشر ولبّ، أو وجه وبطانة، أو سدى ولُحمة، وقشره يتلألأ نوراً، ويُري باطنه الذي يفوق القشر صفاءً وجلاءً وعظمةً وجمالاً، ولقد أُمرتْ عامّة الناس بأقلّ المقدار الممكن، والذي يكون هو الحدّ الذي حُكِم عليه في الفقه بالإجزاء، ولم يُؤمَروا أمراً وجوبيّاً بأكثر من ذلك؛ لأنّه كان يؤدّي إلى عدم تحمّل العامّة الكاثرة لما وجب عليهم وإلى ضلالهم وسوء عاقبتهم، وبقي الباقي لأهله، وهم مختلفون في المراتب والدرجات.

وبهذا النمط من الفهم للإسلام تنحلّ عدّة ألغاز ومشكلات من قبيل:

1 ـ ما معنى ما ورد في الكافي بسند تامّ عن الصادق(عليه السلام) من أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)كان يتوب إلى الله في كلّ يوم سبعين مرّة(1)؟! وبسند آخر تامّ عنه أيضاً: « ... أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يتوب إلى الله ويستغفره في كلّ يوم وليلة مئة مرّة من غير ذنب ... »(2).

وقد اتَّضح الجواب عن ذلك: بأنّ توبة المعصومين واستغفارهم يكونان ممّا يسمّى بحسنات الأبرار سيّئات المقرّبين، فحينما يرتقون في صفاء النفس من مرتبة إلى مرتبة أعلى يستغفرون ربّهم عن المرتبة السابقة الدنيا، أو حينما يحصل لديهم أقلّ غبار على القلب عن بعض مراتب الصفاء ولو لحظة يتوبون إلى الله من ذلك. وقد ورد في طرق السُنّة عن الرسول(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «إنّه ليغان على قلبي حتّى


(1) أُصول الكافي 2/450، الحديث 1.

(2) المصدر السابق 2/450، الحديث 2.