المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

182

وقد اقتفى كثير من علمائنا الأبرار بأئمّتنا الأطهار فيما أشرنا إليه من التضرّع والبكاء والوجد والشوق والخوف، وأذكر هنا لذلك نموذجين:

أوّلا: ما جاء في تكملة أمل الآمل(1) عن السيّد صدر الدين محمّد بن صالح بن محمّد بن إبراهيم أحد أجداد اُستاذنا الشهيد الصدر(رحمه الله) ـ وكان عالماً عظيماً ـ نقلاً عن العالم الجليل الشيخ عبدالعالي الإصفهاني النجفي قال: كنت ليلة من ليالي شهر رمضان في حرم أمير المؤمنين(عليه السلام)، فجاء السيّد صدرالدين إلى الحرم، ولمّا فرغ من الزيارة جلس خلف الضريح المقدّس، فكنت قريباً منه، فشرع في دُعاء السحر الذي رواه أبو حمزة، فوالله مازاد على قوله: «إلهي لا تؤدّبني بعقوبتك» وكرّرها وهو يبكي حتّى أُغمي عليه، وحملوه من الحرم وهو مغمىً عليه.

ثمّ قال صاحب تكملة أمل الآمل: كان(قدس سره) غزير الدمعة كثير المناجاة، ورأيت له أبياتاً في المناجاة يقول فيها:

رضاك رضاك لا جنّات عدن
وهل عدن تطيبُ بلا رضاكا

ثانياً: جاء في كتاب قصص العلماء(2) في ترجمة المرحوم الحاج السيّد محمّد باقر الشفتي المعروف بحجّة الإسلام، وكان هذا ـ أيضاً ـ من العلماء الكبار: أنّه كان يبدأ من نصف الليل بالبكاء والتضرّع والمناجاة إلى الصباح، وكان يدور في صحن مكتبته شبه المجنون محيياً ساعاته بالدعاء والمناجاة، لاطماً على رأسه وصدره، وكان حنينه وأنينه مستمراً بلا اختيار إلى الصباح.

وذكر ـ أيضاً ـ في ذاك الكتاب(3) نقلاً عن الحاج سليمان خان قاجار حاكم سبزوار: أنّ أحد أولاد السلاطين كان ساكناً في إصفهان، وقد حكى له ـ أي للحاج


(1) تكملة أمل الآمل: 239.

(2) قصص العلماء: 137.

(3) المصدر السابق: 138.