المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

181

لضعف نفسي في إبراهيم(عليه السلام) ونقص عرفاني فيه، بل قال الله تعالى بشأنه: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ...﴾(1) وقال ـ أيضاً ـ سبحانه عزّ وجلّ بشأن إبراهيم: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾(2) وقال جلّ وعلا ـ أيضاً ـ بشأنه: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ ...﴾(3).

نعم، مقام إمامنا الحسين(عليه السلام) ومستوى عرفانه سلام الله عليه مقام لا يضاهى، ومستوىً لا يدانى، وهل تعلمون أحداً أوفى بعهده ووعده من الحسين(عليه السلام) الذي جعل فاتحة شهداء الهاشميين ـ على أحد النقلين(4) ـ ابنه علياً الأكبر(عليه السلام)، وخاتمتهم في حدود فترة ما قبل وقوعه(عليه السلام) على الأرض ابنه عليّاً الأصغر(عليه السلام)وعندئذ قال: «هوّن عليّ مانزل بي أنّه بعين الله»(5). فمن أوفى بعهده مع الله من الحسين(عليه السلام)؟!

إذن فما معنى قوله(عليه السلام): «أنا الذي وعدت، وأنا الذي أخلفت، أنا الذي نكثت» ؟!

أفلا تستكشف معي ـ بعد هذا التطواف السريع في حالات المعصومين(عليهم السلام)من كلِّ ما أشرنا إليها من الأُمور ومن أشباهها الكثيرة الكثيرة التي تركنا ذكرها ـ أنّ للإسلام ظاهراً أُمِرَ به الجميع، وأنّ له روحاً شفّافاً لم يكن بالإمكان أن يؤمر به الجميع؛ إذ لو أُمِروا جميعاً بذلك لما نجى أحد إلاّ المعصومون وأولياء الله المخلَصون. فبقي ذلك المستوى من الروح والحقيقة مطمحاً للأنظار ومضماراً للسباق يصل بعض إلى بعض درجاته، والآخر إلى درجة أقوى أو أخفّ. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. وكانت ذنوبهم صلَّى الله عليهم وعلى آلهم راجعة إلى تلك الدرجات.


(1) السورة 37، الصافات، الآية: 105.

(2) السورة 53، النجم، الآية: 37.

(3) السورة 2، البقرة، الآية: 124.

(4) راجع البحار 45/45.

(5) البحار 45/46 و 65.