المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

175

فأخبرتها الخبر، فقالت: هي والله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله ... »(1). أفهل كان عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه يُحتَمل بشأنه التورّط في الذنوب بالمعنى الذي نحن نفهمه للذنب: من كذب أو نميمة أو سرقة أو ما إلى ذلك؟!!

ثُمّ قل لي بالله عليك: ماهي خطايا إمامنا زين العابدين وسيّد الساجدين(عليه السلام)التي كان يقول عنها: «ويلي كلّما طال عُمُرِي كثرت خطاياي ولم أتب أما آن لي أن أستحي من ربّي ... » إلى أن قال طاووس: «ثُمّ خرّ إلى الأرض ساجداً، فدنوت منه، وشلت برأسه، ووضعته على ركبتي، وبكيت حتّى جرت دموعي على خدّه، فاستوى جالساً وقال: من ذا الذي أشغلني عن ذكر ربّي؟! فقلت: أنا طاووس يا بن رسول الله، ما هذا الجزع والفزع؟! ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا، ونحن عاصون جانون، أبوك الحسين بن عليّ، وأُمّك فاطمة الزهراء، وجدّك رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟! قال: فالتفت إليَّ وقال: هيهات هيهات يا طاووس دَع عنّي حديث أبي وجدّي، خلق الله الجنّة لمن أطاعه وأحسن ولو كان عبداً حبشيّاً، وخلق النار لمن عصاه ولو كان ولداً قرشيّاً، أما سمعت قوله تعالى:﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ﴾(2)، والله لاينفعك غداً إلاّ تقدمة تقدّمها من عمل صالح»(3).

وكذلك هلمَّ معي لنقف وقفةً قصيرة تجاه أحوال إمامنا موسى بن جعفر(عليه السلام)، فمن أيّ شيء كان يخاف على نفسه؟! وقد رُوِيَ عن حفص أنّه قال: ما رأيت أحداً أشدّ خوفاً على نفسه من موسى بن جعفر(عليه السلام)، ولا أرجى للناس منه، وكانت


(1) البحار 41/12.

(2) السورة 23، المؤمنون، الآية: 101.

(3) البحار 46/81 ـ 82 .