المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

173

وإِفطارُهُمْ »(1).

وطبعاً نحن نسلّم أنّ الصلاة والصيام وسائر العبادات والأعمال لو اشتملت على الشرائط الفقهيّة صحّت وأجزأت، ولكنّنا نقول: إنّ روح الشريعة وأهدافها المقدّسة لا تقتصر على هذا القشر، وتلك الروح نسبتها إلى هذا القشر نسبة اللُّحمة إلى السُّدى، أو البطانة إلى الوجه، وكلاهما يشكّلان ثوباً واحداً، وهو: ثوب التقوى. قال الله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾(2) ودليلنا على وجود لبّ لهذا القشر، أو بطانة لهذا الوجه، أو لُحمة لهذا السُّدى أمران:

الأمر الأوّل: أحوال المعصومين(عليهم السلام) من بكائهم وتضرّعهم ومناجاتهم وخشيتهم وتوبتهم وما إلى ذلك، فياتُرى هل يُحتَمل بشأن المعصوم أن يتورّط في ترك هذه الصلاة الظاهريّة أو الصوم أو الحج أو في شرب الخمر أو الزنا نعوذ بالله أو الكذب أو النميمة أو ما إلى ذلك من المعاصي؟!

أفهل يعقل أن يكون سفير الله إلى عباده غير عارف بعظمة الله، أو غير مكتشف لحقيقة المعصية، وما تشتمل عليه من رجاسة ونجاسة؟! أم هل يعقل صدور المعصية ممّن وصل إلى عظمة الله، أو عَرف حقيقة المعصية وقبحها ودناءتها؟!

أتَرى أنّ إثبات عصمة المعصومين يتوقّف على براهين من قبيل: لولا عصمتهم لما أمكن الاعتماد على ما أبلغوه من الرسالة. أو إنّ عصمتهم أوضح من ذلك بداهة عدم تعقّل صدور المعصية ممّن ذاق حلاوة الاتّصال بالله، أو عرف حقائق المعاصي، فلا يُعقَل أن يفكّر أحدهم في معصية، كما لا يُعقَل أن يفكر أحدنا في أكل القاذورات مثلاً.


(1) نهج البلاغة: 684، رقم الحكمة: 145.

(2) السورة 7، الأعراف، الآية: 26.