المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

15

العامَّة نشأت ممَّا تحفظه هذه الآداب والأَخلاق من المصالح واتِّقاء المفاسد، فترجع مقياسيّة هذا المقياس إلى مقياسيّة المصلحة والمفسدة. وهذا ما سنبحثه فيما بعد إنْ شاء الله.

إلاَّ أَنّ الذي نشير إليه هنا هو: أَنَّ الشخص قد يعتقد أنَّ الفضيلة المفروضة المتّفق عليها مشهور الآراء ليست في مصلحته في الظرف المفروض.

وهذا علاجه ينحصر إمَّا بدعوى أَنَّ المِقياس هي: المصلحة العامَّة لا مصلحة الشخص، أو بدعوى أَنَّ الفضيلة المفروضة لئن خالفت مصلحة هذا الشخص هذه المرَّة لصالح الآخرين، فهي تعوِّضه بحفظ مصلحته في مقابل الآخرين في مرّات اُخرى. فهي على العموم في صالح الجميع.

وعلى أيِّ حال، فنحن لو آمنَّا بمقياسيّة المصلحة والمفسدة ـ وهذا ما سيأتي بحثه إنْ شاء الله ـ لا نؤمن بأنَّ بناء العرف أو العقلاء على الأخلاق والآداب ينشأُ دائماً من حفظ المصالح واتِّقاء المفاسد الواقعيّتين؛ ولذا ترى التناقضات العجيبة بين المجتمعات في ذلك، فقد يعتقد مجتمع ما أنَّ احتجاب النساء من الرجال وحفظ العِرض والحياء من أفضل الصفات الحسنة والفضائل الراقية، ويعتقد مجتمع آخر أَنَّ هذا وهم وخرافة، وأنَّ المصلحة تكون في سفور النساء وتحرُّرهن من القيود الجنسيّة والحياء.

وقد تحصَّل أنَّ هذا المقياس غير صحيح بكلِّ معانيه الأربعة.

 

المِقياس الثاني ـ القانون:

وهو قد يكون نابعاً من أعلى، كما لو كان من قبل شريعة سماويّة، أو من قبل سلطان مستبدٍّ برأيه، أو حزب متسيطر على رقاب الناس أو ما شابه ذلك. وقد يكون نابعاً من الناس أنفسهم، كما لو انتُخِب القانون بالتصويت ولو عن طريق