المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

122

وبين الله ويكون هو هو، بل الجانب المجرّد من الإنسان ـ أيضاً ـ مشتمل على الحدّ الماهوي ونقص الإمكان والحدوث والتعلق وسائر النقائص التي هي ذاتية له، فلا معنى لفرض التجرّد عنها.

والصحيح: هو ضرورة علاج كلا النقصين اللذين أشرنا إليهما بقدر الإمكان، وهما: حجاب سُمك المادّة في مقابل المعنويات، وضيق الأُفق في مقابل الآخرين. وهذان المنهجان ـ أعني: منهج ترقيق حجاب المادّة والالتذاذ بالمعنويات، ومنهج توسيع الأُفق الضيّق الذي حصرنا في الاهتمام بالتذاذ أنفسنا ولو التذاذاً معنوياً ـ لو لم يعمد إلى الفصل بينهما فهما بحدّ ذاتهما وفيما بينهما متفاعلان.

وقد ورد في الحديث عن الصادق(عليه السلام): «خصلتان مَنْ كانتا فيه وإلاّ فأعزب ثُمّ أعزب ثُمّ أعزب، قيل: وماهما؟ قال: الصلاة في مواقيتها والمحافظة عليها، والمواساة»(1).

أقول: كأنّ الاُولى وهي: المحافظة على الصلاة وفي مواقيتها تنظر إلى جانب ترقيق حجاب سُمك المادة ـ والثانية وهي: المواساة تنظر إلى جانب كسر ضيق أُفق النفس وتمحوره على مصالح نفسه دون الآخرين.

وقد ورد في كلمات أهل العرفان الكاذب: أنّه لابدّ للسالك أن يذبح نفسه كي يصل إلى المقصود، ولا يقدر أحد على ذبح نفسه؛ لأنّه يتحرّك على أيّ حال عن التذاذ نفسه وحبّه لنفسه، وحتّى حينما يريد أن يصل إلى مرحلة الفناء في الله إنّما يريد ذلك ليكمّل نفسه بذلك. إذن فالعلاج في تحقّق الذبح هو: أن يذبحه غيره على خلاف رغبته وطلبه(2).


(1) البحار 83/12.

(2) راجع كتاب روح مجرّد: 591.