المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

114

ـ تبارك وتعالى ـ رحمة للمؤمنين ونظراً؛ لكي لا يضرّوا بأنفسهم وعيالاتهم منهم الضعفة الصغار، والولدان، والشيخ الفانِ، والعجوز الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع، فإن تصدّقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعاً.

فمن ثمَّ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها الإنسان وهو يريد أن يمضيها فأفضلها ما أنفقه الإنسان على والديه، ثمّ الثانية على نفسه وعياله، ثمّ الثالثة القرابة وإخوانه المؤمنين، ثمّ الرابعة على جيرانه الفقراء، ثمّ الخامسة في سبيل الله، وهو أخسّها أجراً».

وقال النبيّ(صلى الله عليه وآله) للأنصاريّ حيث أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق، ولم يكن يملك غيرهم، وله أولاد صغار: «لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنونه مع المسلمين، ترك صبية صغاراً يتكففون الناس». ثمّ قال: حدّثني أبي أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)قال: «ابدأ بمن تعول الأدنى فالأدنى».

ثُمَّ هذا ما نطق به الكتاب ـ ردّاً لقولكم ونهياً عنه ـ مفروض من الله العزيز الحكيم، قال: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً﴾(1)أفلا ترون أن الله ـ تبارك وتعالى ـ قال غير ما أراكم تدعون ]الناس إليه من الأثَرَة على أنفسهم وسمّى مَن فَعَل ما تدعون[(2) إليه مسرفاً، وفي غير آية من كتاب الله يقول: ﴿ ... إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾(3) فنهاهم عن الإسراف، ونهاهم عن التقتير، لكن أمر بين الأمرين: لا يعطي جميع ما عنده، ثُمّ يدعو الله أن يرزقه، فلا يستجيب له للحديث الذي جاء عن النبيّ(صلى الله عليه وآله): «إنّ أصنافاً من أُمّتي لا يستجاب دعاؤهم:


(1) السورة 25، الفرقان، الآية: 67.

(2) ورد في البحار هنا تحت الخط: أن ما بين العلامتين ساقط من نسخة التحف والكمباني أضفناه من نسخة الكافي.

(3) السورة 6، الأنعام، الآية: 141، والسورة 7، الأعراف، الآية: 31.