المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

109

عن الملائكة، وكان امتياز الإنسان فيما له من الخلافة. وليس المقصود بخلافة الإنسان أن يكون بكلِّ أفراده وليّاً واجب الطاعة، بل المقصود: أنّ الإنسان بكلِّ أفراده يخلف المنوب عنه في رعايته للمخلف فيه، والمخلف فيه هو الأرض وما على الأرض.

فليس معنى ﴿جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ كون مهبط الخليفة هو الأرض فحسب من دون أن تكون الخلافة على الأرض، بل معناه: أنّه في الأرض، وأنّه خليفة على الأرض، فعليه أن يستعمر الأرض ويستثمرها، ويرعى ما عليها ومَنْ عليها كلّ بمستواه، وطبعاً مستوى المعصومين هو الخلافة المشتملة على ولاية الطاعة. وقد ورد في الحديث: «مَن أصبح لا يهتمّ بأُمور المسلمين فليس بمسلم»(1). وورد: «لا رهبانيّة في الإسلام»(2).

ورسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يربِّ أصحابه على الانفصال عن العمل السياسي الاجتماعي دائماً أو ردحاً من الزمن، بل زجّهم ـ من أوّل زمن شوكة الإسلام ـ في الحروب والأعمال السياسيّة، وكانت الخلوة مع الله ثابتة بينهم بشكل موزّع على أيّام العمر، وكان هو وطائفة من الذين معه يقومون بالعبادة في جوف الليل الغابر.

هذا، والعزوف عن الحياة الاعتياديّة والترهبن والتعمد في ترك اللذائذ المحلّلة ـ أيضاً ـ أمر مرغوب عنه في الإسلام.

وإليك بعض الآيات:

1 ـ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ


(1) راجع الوسائل 16/336 ـ 337، الباب 18 من أبواب فعل المعروف.

(2) سفينة البحار 3/428، مادّة (رهب).