المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

107

 

 

 

 

النقطة الرابعة

وهي التأكيد على ضرورة العمل الاجتماعي مع الناس

ومع الطبيعة وعدم الابتعاد عن العمل السياسي وعدم تنافي

ذلك كلّه لتهذيب النفس وتزكيتها، بل إنّ هذا أيضاً عامل

من عوامل التهذيب والتزكية

 

فالمألوف الغالب في وضع الصوفيّة إبعاد الناس الذين يفتتنون بهم عن العمل السياسي الاجتماعي. وقد يدّعى أنّ تزكية النفس بحاجة إلى الاختلاء والابتعاد عن وضع المجتمع.

ونحن نقول: صحيح أنّ تربية النفس لا تستغني عن نوع من الاختلاء بالله، وهو أمر مرغوب فيه شرعاً، إلاّ أنّ الشريعة أمرت بتوزيع هذا الاختلاء على تمام العمر يوماً فيوماً بتخصيص ساعة للاختلاء، وأفضل الساعات لذلك هو جوف الليل الغابر ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً * إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً﴾(1). فالنهار يناسب السبح في المجتمع وفي مسرح الحياة وفي الأعمال الدنيويّة والأُخرويّة، وغابر الليل يناسب الخلوة مع الله سبحانه وتعالى. وهذا معنى توزيع الخلوات على تمام أيّام العمر من دون الانقطاع عن الأعمال الاجتماعيّة والسياسيّة، وكشف منابع الطبيعة ونعمها واستثمارها. أمّا الانصراف تمام العمر أو


(1) السورة 73، المزمّل، الآيتان: 6 ـ 7.