المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

102

كأنّ معناها: إمّا هو تعليلٌ لنهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر: بأنّ ذكر الله أكبر من كلّ ما يكون قابلاً للنهي عن الفحشاء والمنكر، أي: بما أنّ الصلاة تكون أبرز أنحاء الذكر وأتمّها وأكملها فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وإمّا هو بيان لكون ذكر الله ـ ومن أتمّها وأكملها الصلاة ـ أكبر من كلّ اللّذائذ والتي منها لذّة النفس الأمّارة، وهي لذّة الفحشاء والمنكر(1).

والاحتمال الثاني: أن يكون المقصود بالذكر ذكر الله للعبد، فيكون معنى الآية: أنّ ذكر الله لعبده أكبر من ذكر العبد لله.

قال الله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ...﴾(2). ويؤيّد هذا الاحتمال ما ورد عن الإِمام الباقر(عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ...﴾ أنّه يعني: «ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إيّاه، ألا ترى أنّه يقول: ﴿اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ...﴾»(3).

 

استنتاجٌ وإضافة:

أمّا الاستنتاج: فقد اتَّضح أنّ أوّل خطوة للسلوك هو الخشوع في الصلاة، وقد أشار القرآن إلى ذلك في آيتين:

الأُولى: قوله سبحانه وتعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾(4). فقد جعل أوّل علامة الإيمان هو الخشوع في الصلاة.

والثانية: قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلاَّ عَلَى


(1) راجع بهذا الصدد رسالة السير والسلوك المنسوب إلى السيّد بحر العلوم مع تعليق السيّد محمّد حسين الطهراني: 122 ـ 123.

(2) السورة 2، البقرة، الآية: 152.

(3) البحار 82/206.

(4) السورة 23، المؤمنون، الآية: 1 ـ 2.