المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

50

وقوله تعالى: ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُل مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوح وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً...﴾(1).

وقوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَاد وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ...﴾(2).

وقوله تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الاَْرْضِ...﴾(3).

فما دامت الخلافة هنا صفة للمجتمع أو الناس فقد يتصوّر إذن أنّ هذه الآيات المباركات تُشير إلى تعيين القائد عن طريق الانتخاب، وأ نّ معنى أن يكون الناس كلَّهم خلفاء الله هو أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، وهذا لا يكون إلّا عن طريق الانتخابات.

ولكنّ الذي أفهمه من هذه الآيات المباركات بعيد عن هذا المعنى.

فصحيح أنّ الآيات قد جعلت الخلافة صفةً للمجتمع البشري، وجعلت البشريّة كلَّها خليفةً لله تعالى، ولكنّ هذا لا يعني حكم البشريّة نفسها بنفسها أو انتخابها لمن يقودها.

فمعنى أنّ البشريّة خليفة الله هو: أنّ هدف الله تبارك وتعالى ـ وهو عمران الأرض بشكل يكون كمقدّمة للآخرة ـ لابدّ أن تحقّقه كلّ البشريّة، فمنهم مَن يكون قائداً، ومنهم من يكون فلاّحاً، ومنهم من يكون مرشداً أو معلّماً...

فالمفروض أن تتظافر جهود البشريّة كلّها من أجل تحقيق ذلك



(1) سورة الأعراف، الآية: 69.

(2) سورة الأعراف، الآية: 74.

(3) سورة النمل، الآية: 62.