المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

47

قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾(1).

فهذه الآية المباركة تقول: إنّ الله تبارك وتعالى أراد أن يجعل في الأرض ﴿خَلِيفَة﴾، ولمعنى الـ ﴿خَلِيفَة﴾ في هذه الآية المباركة ثلاثة احتمالات:

1 ـ أن يقصد بالـ ﴿خَلِيفَة﴾ ليس خليفة عن الله تبارك وتعالى، وإنّما خليفة عن آدم سابق، وهذا يعني أنّه كان هناك آدم قبل أبينا آدم(عليه السلام)، وكان هناك ناس قبله(عليه السلام)، ولكنّهم انتهوا وقامت قيامتهم مثلاً، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل خليفة لهم، أي: أنّه تعالى أراد أن يجعل مَن يخلف اُولئك الناس على الأرض.

ولكنّ هذا الاحتمال بعيد جدّاً، ولا يناسب ظاهر الآية المباركة؛ وذلك لأنّه لابدّ أن تكون هناك نكتة من ذكر (الخلافة) في قوله تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾، ولو فسّرت (الخلافة) بهذا المعنى وهو أنّه تعالى يريد أن يجعل اُناساً ليخلفوا اُناساً كانوا قبلهم، فإنّ هذه ( الخلافة ) لا نكتة في ذكرها، ولا أهميّة للتركيز عليها، فالذي يبدو من الآية المباركة أنّ المقصود من كلمة ﴿خَلِيفَة﴾ هو الذي فسّره كثير من المفسِّرين، وهو:

2 ـ أن يقصد بالـ ﴿خَلِيفَة﴾ خلافة البشريّة عن الله تعالى، فيكون



(1) سورة البقرة، الآية: 30.