نسبة الذنب إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، أو إلى أنبياء عظام آخرين ـ كموسى أو إبراهيم(عليهما السلام) ـ وقد ذكرنا بعضها، وبهذا الجمع لا يبقى غموض بالنسبة إلى هذه الآيات التي تنسب الذنب إلى الأنبياء العظام إذا قسناها إلى تلك الآيات التي أثبتت العصمة للأنبياء(عليهم السلام)، وعلى الرغم من أنّ معناها بحسب ما أعتقد واضح لا غبار عليه لكن لا أستعجل بإعطاء النتيجة، أعني: لا أستعجل في تفسير هذه الآيات، بل نُلقي أوّلاً نظرةً سريعةً على حقيقة الذنوب الصادرة عن الأنبياء العظام والتي ذكرها القرآن الكريم، ونُدقّق شيئاً ما في تلك الذنوب، فما هو ذنب النبيّ الأعظم(صلى الله عليه وآله)؟ وما هي ذنوب الأنبياء الآخرين(عليهم السلام)؟ وبعد ذلك ستعرف معنى هذه الآيات، وكيف أنّها تنسجم مع آيات العصمة.
فهناك في آيات القرآن الكريم ما يوضّح حقيقة بعض تلك الذنوب، ومنها قوله تعالى: ﴿عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾(1)، هذا في القرآن الكريم اعتُبر ذنباً بحيث يُعاتب عليه الرسول(صلى الله عليه وآله)، ويقول: ﴿عَفَا اللّهُ عَنكَ﴾، لماذا فعلت هذا العمل؟ فماذا صنع رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ كلّ ما صنعه هو أنّ اُناساً ـ على ما يظهر من الآية ـ جاؤوا إليه واعتذروا من الاشتراك في القتال، قالوا: نحن لدينا أعذار كذا وكذا، مثل أنّنا مرضى أو عندنا مشاكل عائليّة معيّنة...، ورسول الله(صلى الله عليه وآله) الذي هو اُذن خيرٌ يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين، يصدِّق كلام المسلم ويحمله على الصحّة،
(1) سورة التوبة، الآية: 43.