الظلم، وهنا ترى أنّ عظمة شأن هذا العهد وعظمة شأن الإمامة تناسب أن يكون الحكم أوسع امتداداً من الوصف، فالإنسان إذا ظلم شمله قوله:﴿لاَ يَنَالُ﴾ حتماً، فلا ينال عهد الإمامة، ويبقى الحكم بعدم نيل العهد شاملاً له حتّى بعد أن يتوب وتزول صفة الظلم عنه، فلا يزول الحكم بزوال الوصف. والذي يدُلّنا على هذا: أنّ إبراهيمَ(عليه السلام) على عظمته وجلاله ونبوّته ورسالته وخلّته وإمامته ليس من المحتمل أنّه كان يرغب في أن يكون الظالمون أئمّة، وليس هناك أيّ احتمال في أنّ إبراهيم (عليه السلام) كان يتوقّع من الله تعالى أن يجعل ذرّيّته ـ بما فيهم شاربوا الخمر والزناة والعصاة ـ أئمّة؛ إذ إنّ إبراهيم أعلى وأجلّ من أن يتخيّل بأنّ الزناة والعصاة وشرّابي الخمور وعابدي الأوثان يمكن أن يُصبحوا أئمّةً على الرغم من استمرارهم في ارتكاب المعاصي، فالذي يمكن أن يفترض بشأن إبراهيم هو أنّه (عليه السلام) كان يتخيّل ويتصور بأنّ الذين عصوا وظلموا في وقت ما ثُمّ تابوا وأصلحوا يمكن أن يصبحوا أئمّة، فأجابه الله تعالى بقوله: ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾. فالآية الشريفة إذن تدلّ بوضوح على عصمة كلِّ من ينال مقام الإمامة منذ اليوم الأوّل، ولابدّ وأن يكون الإمام معصوماً قَبل الإمامة وبعدها.
اعتباران عقليّان لإثبات العصمة:
وهناك اعتباران عقليّان يدلاّن على العصمة على اختلاف في مرتبة العصمة بين الاعتبارين:
أحد الاعتبارين هو: أنّ المفروض بالإمام أن يكون قائداً