فالأصل في الحكم أن يكون انتخابيّاً إلاّ حينما يرى اللّه سبحانه تعيين الحاكم بالنصّ النازل من السماء لعدم صلاحيّة الناس مثلا للقيام بحمل العبء.
التقريب الثاني: أنّ ما للّه تعالى على العوالم ـ ومنها عالم الأرض ـهو الحاكميّة بتوابعها المقصودة للّه تعالى من عمران البلاد وإشاعة العدل،ونشر أحكام اللّه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما إلى ذلك، ومعنىخلافة البشريّة عن اللّه في الأرض إيكال كلّ هذه الأُمور إلى نوع البشريّة،وليس من الضروري أن يكون ذلك بإسهام كلّ فرد في الحكم عن طريق الانتخاب، بل على كلّ فرد أن يحمّل جزءاً من هذا العبء الواسع، فمنهممن يساهم في تعمير البلاد، ومنهم من يساهم في تهيئة الأرزاق أو سائر الضرورات للعباد، ومنهم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ومنهم منيقيم الحكم الإسلامي في العباد، فلا ينافي ذلك فرض كون الحاكم معيّناً بنصّمن السماء لا بالانتخاب، ولكن حين فقدان حاكم ظاهر منصوص لابدّ منتحقيق ذلك أيضاً من قبل البشريّة بوجه من الوجوه تكميلا لمعنى الخلافة منقبل اللّه تعالى.
وهذا الاحتمال إن لم يكن أظهر من الاحتمال الأوّل فالاحتمال الأوّل ليس أظهر منه، ومن هنا لا نرى آيات الخلافة دليلا على الانتخاب.
التقريب الثالث: لو فرضنا أنّ خلافة اللّه لا تدلّ على أكثر من ضرورة تطبيق الأحكام الإلهيّة على وجه الأرض فقد يقال: إنّ كون إقامة السلطان على وجه الأرض من أحكام اللّه على الناس أوّل الكلام، فالتمسّك لإثباتها بالآية مصادرة على المطلوب.