المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

80

شرط الفقاهة في ضوء الدليل:

أمّا الدليل على اشتراط الفقاهة لدى الإمكان في قائد الأُمّة الإسلاميّة فقد عقد في كتاب «دراسات في ولاية الفقيه» فصل خاصّ للبحث عن ذلك(1) ولكنّي لم أجد فيه ما يكون مقنعاً لإثبات المقصود، وقد استدلّ في هذا الكتاب على اشتراط الفقاهة في وليّ الأمر بالعقل والكتاب والسنّة.

أمّا العقل فقد أشار إليه في هذا الفصل محيلا إلى التفصيل الوارد في كلامه في فصل سابق، حاصله التمسّك بحكم العقل وبناء العقلاء، حيث إنّهم إذا أرادوا أن يفوّضوا أمراً من الأُمور إلى شخص فلا محالة يختارون له من يكون عاقلا عالماً بكيفيّة العمل وفنونه، قادراً على إيجاده وتحصيله، أميناً يعتمد عليه ولا يُخشى من خيانته، والولاية وإدارة شؤون الأُمّة من أهمّ الأُمور وأعظلها، فلا محالة تشترط في الوالي بحكم العقل والفطرة هذه الشروط.

وإذا فرض أن المفوّضين لأمر الولاية إلى شخص خاصّ يعتقدون بمبدأ خاصّ وإيديولوجيّة خاصّة متضمّنة لقوانين مخصوصة في نظام الحياة، وأرادوا إدارة شؤونهم السياسيّة على أساس هذا المبدأ وهذه المقرّرات الخاصّة، فلا محالة ينتخبون لذلك من يعتقد بهذا المبدأ، ويكون عارفاً بمقرّراته، بل ينتخبون من يكون أعلم وأكثر اطّلاعاً ما لم يزاحم ذلك جهة أقوى(2).

ولا أدري هل مقصوده هو التمسّك بحكم العقل، أو التمسّك ببناء العقلاء، أو أنّه خلط بين الأمرين؟ فالعقل هو دليل مستقلّ في عرض الكتاب والسنة، وقد نصّ


(1) راجع دراسات في ولاية الفقيه 1: 301 ـ 318.

(2) المصدر السابق: 275 ـ 277.