أوّلهما: تطبيق عنوان الأُمور الحسبيّة على المصالح التي تحفظ بالسلطة والحكم من مصالح الإسلام وأحكامها التي تنتهك لولا حكم إسلامي عادل، أو مصالح المسلمين التي لا تراعى ضمن حكم غير إسلامي أو غير عادل، فبما أننا نجزم بعدم رضا الشارع بفوات تلك المصالح ثبت لدينا ضرورة التصدّي للحكم في الجملة بعنوان التصدّي للأُمور الحسبية، ونضمّ إلى ذلك أحد أمرين: إمّا القول بأن القدر المتيقن ممن نعلم برضا الشارع بتصدّيه لهذه الأُمور الحسبية هو الفقيه، وبما أن الولاية خلاف الأصل فلابد من الاقتصار فيها على القدر المتيقّن، وإمّا القول بورود أدلّة خاصّة تشترط الفقاهة في قيادة الأُمة، وبهذا يثبت أنّ ولاية الأُمور تكون للفقيه.
إلاّ أن هذه الولاية التي ثبتت عن هذا الطريق فيها بعض النقائص، فمثلا لا تثبت بهذا ولاية الفقيه في الأُمور التي لم تصل إلى مستوى الضرورة وإن كانت في إجرائها مصلحة للبلاد، ففتح الشوارع ـ مثلا ـ أو الإصلاحات الزراعية أو تقسيم الأراضي وما شابه ذلك إنما يجوز إجراؤها على خلاف رضا المُلاّك بمقدار ما وصل الأمر فيها إلى حد الضرورة واللابدية التي نقطع معها بعدم رضا الشارع بفوات ذلك، ولا يجوز إجراؤها بمقدار ما يعدّ من الأُمور الكمالية والمصالح الثانوية للبلاد لعدم ثبوت كونها من الأُمور الحسبية التي لا يرضى الشارع بفواتها.
ولو وقع الخلاف بين السلطة وبين شخص من الأشخاص في ثبوت الضرورة وعدمها، فالسلطة أرادت إعمال الولاية لما تراه من الضرورة، والشخص لم يكن مقتنعاً بذلك لم تجب على الشخص الطاعة؛ لأنه لا يعتقد بدخول ذلك في الأُمور الحسبية.