الطريق من الناحية الإسلامية، ولم يشأ من الناحية الأُخرى أن يحصر الخطّين معاً في فرد ما لم يكن هذا الفرد مطلقاً أي معصوماً»(1).
أقول: الذي يبدو من هذا النصّ أنّه (قدس سره) يؤمن بأنّ قوله تعالى: ﴿ وأمرُهُمْ شُورَى بَينَهُمْ ﴾ دليل على الانتخاب.
وقد يورد على هذا الدليل بدعوى الإجمال في الآية، حيث إنها لو كانت بصدد تشريع الانتخاب فهي لم تبيّن ما هو المقياس لدى الاختلاف، هل المقياس كمّي أو كيفي؟ أي لو فرض أنّ أكثرية السواد العامّ انتخبت شخصاً، ولكن وجوه القوم المحنّكون كان أكثرهم ضمن الأقليّة التي انتخبت شخصاً آخر فأ يّهما هو المتعيّن للولاية في المقام، هل الأوّل للترجيح الكمّي الموجود في ناخبيه، أو الثاني للترجيح الكيفي الموجود في ناخبيه؟ ولو أن الإسلام كان يتّجه إلى الانتخاب لكان عليه أن يوضّح المقياس في نفوذ الانتخاب، هل هو الترجيح الكمّيأو الكيفي؟
فكأنّ أُستاذنا الشهيد (قدس سره) كان بصدد الجواب على هذا الاعتراض، فأراد رفع الإجمال بضمّ آية أُخرى إلى آية الشورى وهي قوله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَن الْمُنكَرِ ﴾فحمل (رحمه الله) الولاية في هذه الآية على تولّى الأُمور بقرينة تفريع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليها، وعندئذ فالنصّ ظاهر في سريان الولاية بالمعنى المطلوب في المقام بين كل المؤمنين والمؤمنات بصورة متساوية، وهذا يعني عدم تأثير للترجيح الكيفي لبعض على بعض في الحساب، فالمرجّح كمّي بحت.
(1) الإسلام يقود الحياة: 160 ـ 161.