وبكلمة أُخرى: أنّ قوله: «حجّتي عليكم» يعني جعل الحجّية من قبل الإمام فيما كان للإمام من اختيارات، أمّا حجّيّة نقل الرواية أو الفتوى فهي حجّية من قبل اللّه في فهم أحكام اللّه في عرض حجّيّة البيّنة في الموضوعات مثلا، وليست حجّيّة مجعولة من قبل الإمام.
مع الأُستاذ الشهيد (رحمه الله):
الوجه الثاني: أن يقصد به تحديد منطقة ولاية الفقيه وتضييق دائرة الأحكام الولائية التي تنفذ من قبل الفقيه لا إنكارها على الإطلاق، وهذا ما قد يظهر من كلمات أُستاذنا الشهيد (رضي الله عنه) في حلقات «الإسلام يقود الحياة» التي كتبها في أواخر أيام حياته الشريفة(1).
وتوضيح الفكرة أنّ المواضيع التي يمارس وليّ الأمر فيها صلاحيّته تنقسمإلى قسمين:
القسم الأوّل: موارد تعيين الموضوع الخارجي البحت، ثمّ تحديد الموقف بتبع ما تمّ من تشخيص الموضوع من قبيل معرفة أنّ مصلحة المجتمع الإسلامي اليوم هل تقتضي الجهاد بالسلاح أو التقيّة والسكوت، أو معرفة أنّ هلال ذي الحجّة أو العيد أو الصيام ثابت أوْ لا، أو معرفة موضوع الحدّ الشرعي الذي يجب إجراؤه من قبيل ثبوت الزنا أو شرب الخمر أو غير ذلك؟ وما إلى ذلك مما يرجع إلى تشخيص المواضيع البحت، وأما الحكم على كلّ تقدير من تلك التقادير فهو محدّد ضمن الأحكام الثابتة في الفقه، فيَدُ الوليّ لا تمتدّ إلى جوانب الأحكام مباشرة لتغيّرها وإنما يحدّدها الوليّ ويشخّصها بتشخيص موضوعاتها.
(1) راجع الإسلام يقود الحياة: 23 ـ 24، 42 ـ 54، 143 ـ 162.