المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

543

أنّها مستلزمة لذلك، ولكن لا يمكن إثبات ذلك بها؛ لأنّ أصالة الجهة لا تثبت شيئاً في المقام، فإنّ معنى أصالة الجهة هي أصالة كون ما اُريد استعمالاً مراداً جدّاً، فيجب أن يكون المراد الاستعماليّ محرزاً في نفسه ثمّ يثبت كونه جدّيّاً بأصالة الجهة، لا أن يثبت المراد الاستعماليّ بنفس أصالة الجهة.

وبكلمة اُخرى: إنّ ظاهر الكلام يعطي أنّ المراد الاستعماليّ هو المعنى الأوّل الذي رفعنا اليد عنه وأصالة الجهة بالنسبة إليه ساقطة؛ لفرض القطع بأنّه غير مراد جدّاً، فإن اُريد إجراؤها مع قطع النظر عن ذلك الظاهر لم يمكن؛ لعدم ثبوت موضوع لها وهو المراد الاستعماليّ. وإن اُريد إثبات مراد استعماليّ بها غير المعنى الظاهر ورد عليه ما ذكرناه من أنّ أصالة الجهة لا تثبت موضوعها(1).

بقي هنا شيء، وهو: أنّه إذا كان للكلام ظهوران طوليّان كما لو قلنا بأنّ الأمر ظاهر في الوجوب وفي طوله ظاهر في الاستحباب، فلا إشكال في أنّه بنفي الأوّل بدليل يتعيّن الثاني، ولا يرد عليه ما ذكرناه كما هو واضح، ولهذا استقرّت سيرة



(1) لا يخفى أنّ أصالة التطابق بين المدلول الاستعماليّ والمدلول الجدّيّ ليس مصبّها المدلول الاستعماليّ حتّى يقال: إنّه مردّد بين مقطوع البطلان وغير محرز الثبوت، وإنّما مصبّها ظهور حال المتكلّم في أنّ كلامه الذي يتكلّم به ليس فارغاً وتقيّة أو هزلاً أو نحو ذلك، كما نبّه عليه اُستاذنا الشهيد الصدر في دورته المتأخّرة التي عدل فيها عمّا نقلناه في المتن عن دورته السابقة بناءً على نقل السيّد الهاشميّ ـ حفظه الله ـ عنه في مباحث الدليل اللفظيّ (ج 3، ص 446)، وعليه فحينما تثبت عدم جدّيّة الظهور الأوّليّ فلابدّ أن نرى هل يوجد للكلام ظهور طوليّ في معنى مّا أو لا، فإن كان له ظهور طوليّ ثبت ذاك الظهور أو قل جدّيّته ببركة أصالة الجدّ، وإلّا أصبح الكلام مجملاً؛ لأنّ ظهوره الأوّليّ عرفنا عدم جدّيّته ولا ظهور آخر طوليّ له بحسب الفرض.