المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

534

واُخرى: يفرض أنّه ليس وارداً في مقام تقييد المطلق بل في مقام بيان حكم نفسيّ، كما لو قال: (أعتق رقبة) وقال: (لا تعتق الرقبة الكافرة) وكان ذلك في مقام بيان حرمة عتق الكافرة نفسيّاً لا في مقام الإرشاد إلى مانعيّة الكفر عن الكفّارة، لكن ثبتت المنافاة بين نفس هذين الحكمين ـ كما لو قلنا في هذا المثال باستحالة اجتماع الأمر والنهي ـ فعندئذ نقول: إنّ هذا داخل في المتعارضين ولابدّ من تطبيق قوانين التعارض عليه، ولهم في الجمع بينهما مسلكان:

أحدهما: مسلك الأظهريّة، وهو مختار المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)، بمعنى أنّ كلاًّ من الدليلين كان أظهر فيما تكفّل بيانه من الحكم كان مقدّماً على الآخر(1)، وعليه فربما يقدّم المقيّد وربما يقدّم المطلق؛ إذ ربما يكون المقيّد أظهر في القيد وربما يكون المطلق أظهر في الإطلاق، فليس هناك ضابط كلّيّ.

وثانيهما: مسلك القرينيّة، وهو مختار المحقّق النائينيّ(قدس سره)، بمعنى أنّ كلاًّ منهما عدّ في العرف قرينة على الآخر فهو المقدّم، وهذا ليس دائراً مدار الأظهريّة في نفس الحكم، فربما يكون غير الأظهر قرينة على الأظهر، والقرينيّة دائرة مدار مناسبات عرفيّة، منها: كون أحدهما فضلة في الكلام ومن توابع الكلام بخلاف الآخر، كما في قولنا: (رأيت أسداً يرمي)، فكلمة (يرمي) هي التي تكون قرينة لحمل كلمة (أسد) على المعنى المجازيّ دون العكس ولو فرض أنّ ظهور كلمة


محالة يقع التعارض بين الدليل الذي يدلّ على أنّ الجعل أو الحكم مطلق والدليل الذي يدلّ على أنّه مقيّد، فيجب أن ندخل في البحث الآتي من المسلكين في باب الجمع بين المطلق والمقيّد.

(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 393 بحسب الطبعة المشتملة في حواشيها على تعاليق المشكينيّ.