المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

518

 

الانصراف المانع عن الإطلاق

لا إشكال في أنّ الانصراف المستقرّ يمنع عن الإطلاق، فهل هذا يعني انهدام إحدى ما مضى من مقدّمات الحكمة، أو أنّ عدم الانصراف بنفسه مقدّمة مستقلّة من مقدّمات الحكمة؟

وتحقيق الحال في ذلك: أنّ الانصراف المانع عن الإطلاق يتصوّر على ثلاثة أقسام:

القسم الأوّل: أن يكون الانصراف ثابتاً في دائرة المدلول التصديقيّ والمراد الجدّيّ، وذلك كانصراف ما لا يؤكل لحمه في قوله: (تحرم الصلاة فيما لا يؤكل لحمه) عن شعر الإنسان، فإنّ الظاهر أنّه ليس ذلك بمعنى استعمال الكلمة الموضوعة للجامع في خصوص بعض الأفراد مجازاً، بل بمعنى كون مراده الجدّيّ غير شامل لشعر الإنسان.

القسم الثاني: أن يكون الانصراف ثابتاً في دائرة المراد الاستعماليّ، بأن ينصرف اللفظ في مفاده الاستعماليّ إلى قسم خاصّ من المدلول اللغويّ الأصليّ كما لو صار منقولاً من معناه الأصليّ، كما قد يكون كذلك في كلمة (الدابّة) المنصرفة في بعض الأوساط إلى الحمار بعد أن كانت موضوعة لمطلق ما يدبّ على الأرض مثلاً.

وهذان القسمان من الانصراف لا إشكال في مانعيّتهما عن انعقاد الإطلاق؛ لأنّ إحدى مقدّمات الحكمة هي عدم القرينة ونفس هذا الانصراف قرينة، فانعدمت بذلك المقدّمة الثالثة.

ولا فرق في ذلك بين ما مضى من المسلك البرهانيّ والمسلك العرفيّ.