المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

502

تنوين التنكير يمنع عن قابليّة مفهوم اسم الجنس لتضييقه إلى حدّ لا ينطبق إلّا على فرد واحد، فظهر: أنّ ذلك غير منقوض بمثل قولك: (جاءني رجل)، فإنّ مفهوم (رجل) باق على سعته الموجبة لقابليّة الانطباق على أيّ فرد من الأفراد.

والبرهان على ما ذكرناه من أنّ تنوين التنكير يسلخ الاسم عن قابليّته للتعيّن بالنحو الثاني هو: أنّك عرفت أنّ تنوين التنكير يدلّ على قيد الوحدة، ونحن في مورد طروّ التعيّن بالنحو الثاني لا نفهم من الكلام قيد الوحدة، مثلاً لو قال المتكلّم: (أكرم رجلاً جاءك أمس) وقصد التعيين لم يكن المفهوم من كلامه قيد الوحدة، نعم، مفهوم كلمة (رجل) ضُيِّق بسبب قوله: (جاءك أمس) بحيث لا يقبل الانطباق إلّا على فرد واحد والتنوين فيه تنوين التمكين لا التنكير؛ لعدم دلالته على قيد الوحدة.

ولا بأس هنا بإلفات النظر إلى أمر، وهو: أنّه إذا قال المتكلّم: (أكرم رجلاً جاءك أمس) وفرضنا أنّ المخاطب جاءه أمس رجلان أو أزيد لا رجل واحد فمسألة كون التنوين تنوين التمكين أو تنوين التنكير مسألة راجعة إلى قصد المتكلّم، فإن قصد المتكلّم تضييق مفهوم (رجل) وتطبيقه على فرد خاصّ كان قد جاء المخاطب أمس فالتنوين تنوين التمكين بدليل قصد التعيين، وليس الشرط في إرادة هذا الضيق المفهوميّ أن لا يكون الجائي إلّا فرداً واحداً ولا أن يكون المتكلّم معتقداً بذلك، وكان المأمور بإكرامه بناءً على هذا الفرض واحداً معيّناً منهما في نظر المتكلّم، فإن لم يعرفه المخاطب بالقرينة كان له أن يسأل عن أنّ أيّ واحد منهما واجب الإكرام، وإلّا كان التنوين مفيداً لقيد الوحدة فكان تنوين التنكير وكان الواجب إكرام أحدهما تخييراً، وكان هذا الكلام نظير قولك: (أكرم رجلاً جائياً).