المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

501

لكن يقبل طروّ التعيّن عليه بأخذ خصوصيّة زائدة بنحوين:

الأوّل: أن يتعيّن في الاستغراق بواسطة مقدّمات الحكمة كما في قولنا: (أكرم العالم)، أو بواسطة أداة العموم كما في قولنا: (أكرم كلّ عالم).

الثاني: أن يتعيّن في أقصى مراتب الضيق كما في قولنا: (أكرم هذا العالم) عند الإشارة إلى فرد خاصّ.

وإذا دخل تنوين التنكير على الكلمة أفاد قيد الوحدة ببرهان عدم الاستغراق في قولنا: (أكرم عالماً) مع أنّك عرفت أنّ مقتضى طبع الإطلاق في الموضوع هو الشموليّة لا البدليّة، فالبدليّة تحتاج إلى قيد وليس ذلك إلّا قيد الوحدة، فظهر: أنّ تنوين التنكير يدلّ على قيد الوحدة المعاند للاستغراق والشمول.

ومنه يظهر: أنّ التنوين في قولنا: (أكرم كلّ عالم) تنوين التمكين لا تنوين التنكير؛ لأنّ تنوين التنكير يدلّ على قيد الوحدة المعاند للاستغراق، فالتنوين وإن كان في نفسه مع قطع النظر عن صارف له ظاهراً في تنوين التنكير لكن كلمة (كلّ) قرينة على أنّه تنوين التمكين، كما أنّ الامتنان في قوله تعالى: ﴿أَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً﴾ قرينة على أنّ التنوين تنوين التمكين لا التنكير، بأن يكون المراد: أنزلنا من السماء ماءً واحداً طهوراً، ولا فرق بينهما صورةً وإنّما الفرق بينهما بالقصد.

فتنوين التنكير يسلخ اسم الجنس عن قابليّته للتعيّن بالنحو الأوّل من ناحية دلالته على قيد الوحدة، ويسلخه أيضاً عن قابليّته للتعيّن بالنحو الثاني، أعني: التعيّن من ناحية الضيق.

وليس المراد بذلك أنّه لا يجوز أن يكون نظر المتكلّم إلى فرد خاصّ، فإنّ ذلك جائز لا مانع عنه، وذلك كما في قولك: (جاءني رجل)، بل المراد بذلك أنّ