المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

490

أقول: ما ذكره من كون هذا التوجّه غير التصوّر في غاية المتانة، وكذلك ما ذكره من كون هذا التوجّه من الموجودات بالوجود الخارجيّ في النفس لا من الموجودات بالوجود الذهنيّ، لكن هذا غير مختصّ بما ذكره من التوجّه بل التصوّر أيضاً كذلك كجميع الحالات النفسانيّة من الحبّ والبغض وغيرهما، فإنّ التصوّر ليس بموجود بوجود ذهنيّ بل موجود بوجود خارجيّ في النفس، وإنّما الموجود بالوجود الذهنيّ هو ما طرأ عليه التصوّر، مثلاً: مَن تصوّر زيداً فقد وجد زيد في ذهنه بالوجود الذهنيّ لا الحقيقيّ، وأمّا نفس التصوّر فهو موجود في عالم نفسه حقيقةً وبالوجود الخارجيّ لا الذهنيّ، وكذلك الأمر في التوجّه كما ذكره المحقّق العراقيّ(قدس سره).

ولكن الإشكال لا ينحلّ بذلك، فإنّ الإشكال هو: أنّ التوجّه ـ الذي هو حقيقة الإشارة ـ أمر ذات إضافة ولابدّ لطرفه من تعيّن حتّى يمكن التوجّه إليه، وبما أنّ هذا التوجّه يكون من عالم النفس كذلك التعيّن المعتبر في طرفه يكون من عالم النفس، ولو اُخذ في الموضوع له لزم عدم انطباق المعنى على الخارجيّات؛ لتقيّده بما يكون من عالم النفس، وما يكون من عالم النفس إنّما يكون وجوده في النفس لا في الخارج المقابل لعالم النفس، فإنّ هذا هو المقصود بلزوم صيرورة المعنى أمراً ذهنيّاً ومن المعقولات الثانويّة، وهذا ـ كما ترى ـ لا ينحلّ بما ذكره المحقّق العراقيّ(قدس سره).

والتحقيق في تصوير أخذ التعيّن الذهنيّ بنحو يمكن ثبوتاً هو أن يقال: إنّه مأخوذ بنحو الاتّصاف لا بنحو العروض. توضيح ذلك: أنّ الاُمور النفسانيّة ذات الإضافة ـ من قبيل التصوّر والحبّ والبغض وغير ذلك ـ عارضة على موضوعها في الذهن الذي هو موجود بنفس هذا الأمر النفسانيّ ولا تعرض على