المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

487

نعم، لا نستشكل في أنّ اسم الإشارة في أوّل مراحل وضعه الحاصل من تطوّر المجتمع إنّما وضع للإشارة إلى الخارجيّات، ولكنّه بعد ذلك ترقّى وضعه بحسب تدرّج المجتمع في التصوّرات إلى أن كان استعمال اسم الإشارة فيما ليس له تعيّن خارجيّ حقيقةً وصحيحاً بلا عناية. هذا بالنسبة إلى اسم الإشارة، وكذلك الكلام بالنسبة إلى ضمير الخطاب، فإنّ الخطاب الحقيقيّ عبارة عن قصد إعداد الكلام لفهم الغير وأداته توجيه الصوت نحو ذلك الغير، وكلّ منهما يحتاج إلى تعيّن في اُفقه، فهنا تعيّنان: تعيّن في اُفق النفس، أي: التعيّن الذهنيّ، وتعيّن في اُفق الخارج، والمأخوذ في الموضوع له ضمير الخطاب هو التعيّن الأوّل ببرهان صحّة التخاطب مع مَن ليس له تعيّن خارجيّ بلا عناية كما في قولنا: (إيّاك نعبد وإيّاك نستعين).

وممّا ذكرنا يظهر الحال أيضاً بالنسبة إلى ضمير الغائب، فتحصّل: أ نّا نحتاج إلى جواب مشترك بين ما نحن فيه وأسماء الإشارة والضمائر.

وقد اُجيب عن ذلك بوجوه:

الأوّل: ما ذكره المحقّق العراقيّ(قدس سره) بناءً على مبناه من الحصّة التوأم، وهو: أنّ التعيّن لم يؤخذ في الموضوع له بأن يكون جزءاً له أو بأن يكون قيداً له، وبعبارة اُخرى ليس ذات القيد ـ وهو التعيّن ـ داخلاً في الموضوع له حتّى يكون جزءاً للموضوع له، ولا يكون دخله على نحو دخل التقيّد دون القيد حتّى يكون قيداً للموضوع له، وإنّما وضع اللفظ للطبيعة التوأم مع هذا التعيّن مع خروج القيد والتقيّد معاً عن الموضوع له(1).



(1) راجع المقالات، ج 1، المقالة: 39، ص 496 ـ 497 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلاميّ بقم، ونهاية الأفكار، ج 1 ـ 2، ص 564 ـ 565 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.