المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

481

صورة التقييد، وليس هذا التخصيص موجباً لتعنون العامّ.

وهذا الذى ذكرناه وإن لم يكن تصويراً للفرضيّة التي افترضناها في توجيه مدّعى المتقدّمين من وضع اللفظ للمطلق الحدّيّ، ولكنّه على أيّ حال تصوير لما يقصدونه من النتيجة من عدم الاحتياج في مقام نفي القيد وتوسعة الحكم إلى مقدّمات الحكمة(1).

فإلى هنا نحن لم نصل إلى تقريب فنّيّ يثبت بطلان كلام المتقدّمين من كون الإطلاق مفهوماً بالوضع بنحو يغنينا عن مقدّمات الحكمة.

ولكن الصحيح ـ مع هذا ـ: أنّ الحق مع المتأخّرين وأنّ الإطلاق ليس مستفاداً من الوضع، فنحن بحاجة إلى مقدّمات الحكمة.

ويمكن توضيح ذلك بأحد بيانات:

البيان الأوّل: مجرّد إحالة الأمر إلى الوجدان ودعوى أنّنا نرى بالوجدان أنّه لا نفهم من اسم الجنس إلّا ذات الماهيّة الجامعة بين المطلق والمقيّد، فنحتاج في نفي القيد إلى دالّ آخر.

البيان الثاني: ملاحظة عمليّة الوضع والتأمّل فيها، فإنّها قد تؤيّد أو توجب الاطمئنان بالمدّعى مع قطع النظر عمّا ذكرناه من دعوى شهادة الوجدان بذلك، فإنّ عمليّة الوضع إمّا هي عبارة عمّا تصوّره من أنّها أمر ناشئٌ من فيلسوف حكيم مثلاً جلس على كرسيّ الوضع ووضع لكلّ معنى لفظاً، وعندئذ فمن المناسب جدّاً



(1) لا يخفى أنّ عقلائيّة هذا التصوير، أعني: تصوير استثناء الواضع صورة التقييد من دون أن يرجع هذا التخصيص إلى تعنون العامّ إنّما تكون بعقليّة كون الوضع نوع جعل، وقد صدر هذا الكلام من اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)في تأريخ ما قبل إيمانه في حقيقة الوضع بنظريّة القرن الأكيد.