المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

462

ولا تقابل بين الجهة الاُولى منهما والإطلاق الحدّيّ؛ لأنّ المطلق الحدّيّ عار عن القيد من ناحية الانطباق على المصاديق الخارجيّة، فلا فرق بينه وبين المطلق الذاتيّ من هذه الجهة.

وقد ظهر ممّا ذكرناه: أنّ الذي يفيد تسرية الحكم إلى جميع الأفراد هو كون تمام الموضوع نفس المطلق الذاتيّ والماهيّة المحدّدة بالحدود الذاتيّة الموجودة في ضمن كلّ فرد، فإنّ هذا كاف في سريان الحكم إلى كلّ الأفراد، وأمّا الإطلاق الحدّيّ فدائماً مسبوق بالإطلاق الذاتيّ؛ لما عرفت من أنّ الإطلاق الذاتيّ له جهتان من قابليّة التوسعة، والإطلاق الحدّيّ إنّما يمنع عن فعليّة الجهة الثانية وتبقى الجهة الاُولى التي هي الموجبة لسريان الحكم إلى جميع الأفراد ثابتة بحالها.

نعم، الإطلاق الحدّيّ له فائدتان: إحداهما ثبوتيّة، وهي: أنّ المتكلّم لو أراد التضييق بحسب المفاهيم دون التضييق في الانطباق على المصاديق جعل الماهيّة مقيّدة بالإطلاق الحدّيّ. والاُخرى إثباتيّة، وهي: أنّه لو أراد الواضع أن يضع اللفظ بنحو يستغني عن مقدّمات الحكمة وضع اللفظ بإزاء المطلق الحدّيّ لا الذاتيّ؛ إذ المطلق الذاتيّ موجود في ضمن المقيّد أيضاً فنحتاج في رفع القيد إلى مقدّمات الحكمة. هذا.

وقد اتّضح لك ممّا ذكرناه إيماننا باُمور ثلاثة:

الأوّل: أنّ التقييد عبارة عن تحصيص المفهوم بالحدود العرضيّة الوجوديّة أو العدميّة.

والثاني: أنّ الإطلاق المقابل للتقييد عبارة عن التقييد بعدم الضيق والذي أسميناه بالإطلاق الحدّيّ.