المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

458

ومن هنا نعرف أنّ مفهوم الإنسان الجامع بين الواجد والفاقد ليس حصّة ثابتة في الخارج في عرض الحصّتين السابقتين، ولكن إذا تجاوزنا الخارج إلى الذهن وتتبّعنا عالم الذهن في معقولاته الأوّليّة التي ينتزعها من الخارج مباشرة نجد ثلاث حصص أو ثلاثة أنحاء من لحاظ الماهيّة كلّ واحد منها يشكّل صورة للماهيّة في الذهن تختلف عن الصورتين الاُخريين: فقد تلحظ الماهيّة بلحاظ بشرط شيء، واُخرى بلحاظ بشرط لا، وثالثة باللحاظ اللابشرطيّ، ويُرى بالنظر التصوّريّ في الفرض الثالث جميع الأفراد التي ترى باللحاظ الأوّل والثاني، وهذا هو المطلق وهو اللابشرط القسميّ، أمّا ذات الماهيّة بحدودها الذاتيّة فهي موجودة ضمن الصور الثلاث الاُولى وهي التي نعبّر عنها باللابشرط المقسميّ.

وإذا تجاوزنا وعاء المعقولات الأوّليّة للذهن إلى وعاء المعقولات الثانويّة التي ينتزعها الذهن من لحاظه وتعقّلاته الأوّليّة وجدنا أنّ الذهن ينتزع من تلك اللحاظات عناوين ذهنيّة بحت، أو قل: معقولات ثانويّة، كالصنف في قولنا: (الإنسان العالم صنف من الإنسان)، وكالكلّيّ ونحو ذلك، فإذا جعل شيء من هذه القيود قيداً للمفهوم المتصوّر استحال انطباقه على ما في الخارج.

وبعد أن اتّضح الفرق بين المعقولات الأوّليّة التي تعتبر بنظر المتصوّر مرآة للخارج والمعقولات الثانويّة التي تنتزع من المعقولات الأوّليّة كالكلّيّة والنوعيّة والصنفيّة في مثل قولنا: (الإنسان نوع) و(الإنسان العالم صنف) و(الرجل كلّيّ) نقول: هذا هو السرّ في أنّ الإنسان العالم مثلاً قابل للانطباق على ما في الخارج ومفهوم الإنسان النوع غير قابل لذلك؛ لأنّ الثاني اُخذ فيه ما هو من المعقولات الثانويّة والأوّل لم يؤخذ فيه غير ما هو من المعقولات الأوّليّة.

وكما أنّ الحدود العرضيّة من القيود الثبوتيّة والعدميّة المضيّقة للمفهوم كصفة